شبابُ اليمن والمسيرةُ القرآنية المباركة

عبدالقوي السباعي

 

المسيرةُ القرآنية المباركة انطلقت من الأوساط الشبابية، وتوسّعت بين جماهير الأُمَّــة، تلك الجماهيرُ اليمنية الشعبيّة الأقربُ إلى فكرتها ومنهجيتها، الأقربُ إلى التجاوب مع ثقافتها وطريقها وأهدافها، والتي كانت تعاني من الاستغلال والامتهان، من التلقين والتدجين والتهجين، من الظلم والتهميش، من الاستبداد والقهر، ولم يكن للشباب في حياة المسيرة مرحلةٌ مؤقتة، بل كانت مرحلةً دائمةً من النضال والكفاح، فالمسيرة ظلت تجدد شبابها دوماً بالاعتماد الرئيس على جماهير الشباب من كُـلّ أجزاء الوطن اليمني الحبيب، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم.

 

إنَّ من المزايا العديدة التي يتصفُ بها الشبابُ اليمني في كُـلّ المراحل والعصور، أن تفكيرَهم وإحساسَهم وتوجُّـهَهم لا تختلط بها الأفكار بالمصالح الشخصية الضيقة، لا تبرمجها الثقافات المغلوطة الدخيلة والمزيَّفة؛ لأَنَّهم بفطرتهم يرفضونها، يرفضون الانبطاح والجبن، يأنفون التقاعس والأنانية والنفعية، ويطمحون دوماً إلى ما فيه خير المجموع، يطمحون إلى المستقبل العظيم للأُمَّـة بكاملها وهم طليعتُها، يطمحون إلى أن يجدّدوا تاريخنا اليمني العظيم، تاريخ أمتنا الإسلامية في انتصارهم ونُصرتهم للرسالة المحمدية العظيمة، في فتوحاتهم ونشرهم لهذه الرسالة، ولا يستصعبون أمراً في سبيل تحقيق ذلك.

 

وهذه ميزة شباب المسيرة بكل مراحلها بأن ليس لديهم أمرٌ صعبٌ حيال هذا الأمر، ولذلك كان بينهم وبين الأعمال البطولية موعدٌ وصلة، كان بينهم وبين التضحيات الجسام رابطٌ لا ينفك، والمجاهدون الأبطال في الجيش واللجان الشعبيّة بمختلف جبهات العزة والكرامة، هم الآن يجسدون هذه المزايا كلها وتلك الطموحات برمتها، في إيمَانهم ووعيهم، في مسارهم وانطلاقتهم، في تحَرّكهم وحيويتهم الشابة المؤمنة المتدفقة، وفي صهرها انصهاراً يبلغ أرقى درجات العطاء الديني والوطني والأخلاقي والسمو الإنساني عندما يصل إلى حَــدِّ الاستشهاد، وبلوغ الحياة الأبدية.

 

إن هذه الأيّام ليست كالأيّام العادية بالنسبة لشبابنا في موطن الإيمَان والحكمة؛ لأَنَّ لها وزنَها الخاصَّ، لها كثافة هائلة من المعاني والدلالات، من المهمات والواجبات، ومن الحوافز والملهمات، فاليومُ بسنةٍ من هذه الأيّام، إنها ذخيرتهم للمستقبل يعيشونها ويخرجون بمعانيها ويكتسبون شيئاً لا يُقدَّرُ بثمن، شيئاً ليس بالمادة والمحسوس، وإنما بالروح والقيم.. القيم السامية التي أتاحتها هذه المعركة المصيرية وأرجعت إلى الشعب اليمني العظيم أجواء التضحية والفداء والبطولات والانتصارات، الممزوجة بالهُـوِيَّة الإيمَانية اليمانية الأصيلة.

 

اليوم نحن نشعر وكأننا نعيش خارج الزمن الاعتيادي، وكأننا نعيش في عالم الخلود، في تاريخ الأُمَّــة اليمنية المجيدة، تاريخ أنصار الرسالة المحمدية، لم يعد بيننا وبين تاريخنا المجيد وحضارتنا الأصيلة أيةُ فواصل، فقد عادت الهُـوِيَّة، وترسخت مفاهيم الانتصار للقضية، ورجعت الصلة الحقيقية صادقةً بيننا وبين أجدادنا العظماء الخالدين، أصحبنا نشعر أكثرَ أننا نعيشُهم ويعيشون فينا، دماؤنا من دمهم، من ذريتهم، من روحهم، أصبحنا نشعر أنهم راضون عنّا وأنهم يفتخرون بانتسابنا لهم، كما هو فخرُنا بانحدارنا إليهم.. وغداً بإذن الله تعالى سيشهد العالم نهضةَ أُمَّـة وحضارةَ شعب ضاربة جذورها في أعماق التاريخ.

مقالات ذات صلة