نتحلى بسيرهم ما دُمنا

مرام صالح مرشد

 

مُناسبةٌ جليلة وعظيمة، يفخر الجميع بقدومها سواءٌ أكانوا ممن قدموا شهيداً، أَو ممن لم يصطفِ منهم الله شُهداء، فجميعهم يشعر بالفخرِ والأنَفة تجاه هذه المناسبة، لذا نحنُ نرى اليوم أنفسنا وقلوبنا كيف يتخللها فرحُ الانتصارات، وكيف تُتَرجم هذه الفرحة بعبارات الشكر والامتنان لمن يستحقها، فما الفضل في ذلك بعد الله إلا لدماء الشُهداء، الصاعدة أرواحهم إلى عِنان السماء، البارزة عناوينهم في جِباه النُجباء، وهي لسواعد رجال الله الذين هم في الجبهاتِ سُعداء مواجهين عجافير الصحراء، لنعيش بحريةٍ طُلقاء، بعيدًا عن الظُلم والشقاء، ولاستعادة البسمة على شفاهِ البؤساء.

 

رِجالٌ امتطوا صهوة الجهاد، لدفعِ الظلم والاستعباد، وسارعوا بكلِ شغفٍ لنيل جِنان الرحمن، تركوا كُـلّ ملذات الدنيا وراهنوا بقوى خلاقِ العباد، قدموا أرواحهم قرابين لله، خرجوا من غياهب الظلماتِ إلى نورِ الإيمان، فاختارهُم الله ليكونوا من خَاصَّة أوليائه، ففي بداية النهج وعدٌ إلهي، وفي المُنتصف رِجالٌ انطلقوا وجاهدوا، وما بعد ذلك رِجالٌ صدقوا، وما يليه تكريمٌ إلهي من جِنان وحورٍ عين، وكان هو الجزاء، فهنيئاً لأرواحهِم ما نالت.

 

نتظللُ اليوم تحت مظلةِ من اصطفاهُمُ الله، ووجدوا ملاذهم الآمن، ضد الظلم والظالمين وجعلوا من الجبهات مأمناً لهُم، ومسكناً لهم، ومدفأً لهم حتى ارتقوا، أُولئك الذين بكل فخر سنواجه الطواغيت بكل قوة ما دُمنا نحمل ثقافتهم، فلنقف بُرهة جميعاً ونوضح قليلًا من الغموض للبعض، هل للدماء في جسد الإنسان أن تتوقف عن السرَيَان وهو ما زال حياً؟! بالطبع لا، كذلك هي حياة الشهداء، وسيرهُمُ النقية حيةٌ فينا وتجري بعروقنا قبل ألسنتنا ما دُمنا أحياء، ولن نتخلى عنها ما دامت أنوفنا عالية تتنفسُ الهواء.

 

بزَغَت ملامح الانتصارات مع بزوغ الشمس، فهُناك من ينتظر، إنها عيونٌ ساهرة، وأنوفٌ شامخة، لا يوهِنُ عزيمتها قصف ولا حرب، ولا مدرعات، ولا دبابات، مجاهدون يسعون لشق طريق النصر، حُفاة، يتجرعون برد الصحارى بكل أنَفةٍ وقوة، متدفئون ومتلحِّفون بإيمانهم بالله، وآياته التي ما حَكَت عنهم كَثيراً، لتصنع منهم رجالاً أشداء لا يخشون في الله لومة لائم، رِجالٌ تكسوهم العَظمَة والأنفة، ليُنشئوا جيلاً من بعدهم يَدُك كُـلّ غازٍ، متمسكين بالله سائرين على درب من سبقوهم.

مقالات ذات صلة