أبعادُ عملية “فجر الصحراء” عسكرياً واقتصادياً

عبدالقوي السباعي

 

في عملية “فجر الصحراء” التي أعلنت عنها القوات المسلحة، عصر الأحد, والتي تضاف إلى رصيد انتصارات أبطال الجيش واللجان الشعبيّة, حملت أبعاداً استراتيجية متنوعة الأهداف التكتيكية ومتعددة المكاسب الميدانية, ولو أخذنا على سبيل المثال البُعدَ الاقتصادي للعملية, فمديرية خب والشعف أكبر مديريات محافظة الجوف, إذ تشكل مساحتُها 82 % من إجمالي مساحة المحافظة, وتمتازُ بكونها منطقةً يزخرُ باطنُها بثرواتٍ نفطية هائلة يعتبرها أهلُ الاختصاص أنها ما زالت بكراً.

 

اقتصادياً, فمن المعلوم أنه على مدى العقود الماضية من الانبطاح والعمالة, كانت السعودية قد منعت حكومات اليمن المتعاقبة من التنقيب عن النفط في هذه المديرية, وفي منطقة اليتمة تحديداً, كما عمدت إلى تغيير المعالم الحدودية هناك، بعد ما توغّلت بحدود 20 كم داخل الأراضي اليمنية, كذاك الذي نراهُ على شكل الخنجر المغروز في شمال الخارطة, وبموجب معاهدة جدة التي عقدت 12 يونيو 2000م بين المملكة السعودية والجمهورية اليمنية حدّدت الحدود النهائية بين الدولتين, في عهد الرئيس الأسبق علي صالح, والذي في عهده أَيْـضاً سبق للرياض أن أغلقت بالقوّة قطاعَين نفطيَّين يمنيَّين بعد اكتشاف وجود كمّيات كبيرة من النفط فيهما غربي اليتمة، وحقلاً غازياً آخر أثبتت الدراساتُ وجودَ كمّيات تجارية كبيرة من الغاز المسال فيه، في المنطقة نفسها, لكن اليوم تفتحُ عمليةُ “فجر الصحراء” البابَ على مصراعيه أمام اليمنيين الأحرار لاستغلال أرضهم والاستفادة من خيرات وثروات بلادهم, وينتزعون حقهم ويحفظون حقوقهم من الأطماع السعودية وإلى الأبد.

 

أمّا عن البعد العسكري فبالنظر إلى مساحة المنطقة التي تم تحريرها في عملية فجر الصحراء والتي تُقدَّرُ بأكثرَ من 1200 كم2, فَـإنَّها شملت خارطةَ المسرح العملياتي والموقف التكتيكي لجبهة اليتمة الواقعةِ شمال شرق الجوف، والتي تُعَدُّ آخر المناطق العملياتية على الحدود السعودية– اليمنية الداخلية، والتي تمتد من جبل قعشان ووادي سلبة في مديرية برط العنان غرباً، لتتصلَ بسلسلة جبال حبش الاستراتيجية، متوغلةً نحو هضبة آل جعيد المطلّة على سوق اليتمة ومن ثَمَّ السوق نفسه شرقاً.

 

وهذا يعني أن مسارَ العملية رغم اتساعه إلاّ أنه تمكّنَ من السيطرة الكاملة على المحور العسكري الشمالي التابع لتحالف العدوان في الجوف، وُصُـولاً إلى ما بعد السوق الحدودي الوحيد الذي يزوّدُ تلك المناطقَ الصحراوية الواسعة بالغذاء والدواء والوقود, والمتاخم أَيْـضاً لمزارع بن ناهض, وبعض التجمعات السكانية لقبائل اليتمة، وبالتالي سقوطُ ما يسمى اللواء الأول – حرس حدود الموالي لمرتزِقة العدوان والمنتشِر في مديرية خب والشعف، وأجزاء من مديرية برط العنان, إلى جانب الواء 48 المرابط أَيْـضاً في المنطقة, حيث تشيرُ تقاريرُ عن المرتزِقة أنفسهم إلى أن قوامَ مقاتليها في هذه المنطقة يصلُ إلى 12 ألفَ مرتزِق تبخروا أمامَ أبطال الجيش واللجان الشعبيّة, وبالتالي باتت حدودُ مملكة الرمال مفتوحةً لقواتنا من هذه الجبهة ومهيأةً للانطلاق والتوغُّلِ شمالاً في الأيّام القليلة القادمة بمشيئة الله تعالى.

مقالات ذات صلة