“ربيع النصر”..عملية عسكرية أسقطت الثقل العسكري لتحالف العدوان زخم القوة وفيضُ الحكمة

عمران نت – تقارير – 8 ربيع الآخر 1443 هــ

مثلت عملية “ربيع النصر” بنجاحها القياسي ونتائجها الكبيرة إنجازاً عسكرياً فريداً على مستوى الحروب التي خاضها الشعب اليمني طيلة سبعة أعوام ضد تحالف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي في الميدان ، وحول العملية يتذكر الإعلامي يحيى الشامي البطولات التي سطرها المجاهدون في معركة ربيع النصر ، والخطط والمسارات التي وضعتها القيادة ، وبتوفيق الله حققت إنجازا نوعيا رسمت من خلاله مشهد النصر الأعظم.

 

بين العيد السابع لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة ، وبين مناسبة المولد النبوي الشريف الذي أحياه اليمنيون بشكل غير مسبوق ومنقطع النظير ، حدد أبطال الميدان زمن تنفيذ عملية ربيع النصر الأولى والثانية ، العملية بمرحلتيها غيّرت نتائجُها خارطة الجغرافيا السياسية لليمن ، وعدّلت -كما لم تفعل كل المعارك من قبل- من موازين القوة لصالح الشعب اليمني الذي يخوض معركة تحرير الأرض من الاحتلال والمرتزقة ، وقضت العملية الواسعة على ما بقي من مخططات المحتل وأحبطت أوهام المنافقين المرتزقة داخل اليمن ؛ وإليكم قراءة موجزة عند أهم محطات العمليتين ومراحلهما اللتين تسيّد فيهما المشهد إلى جانب بطولات المجاهدين، دور القبيلة اليمنية في محافظتي مارب وشبوة.

 

 

 

الانطلاق بسرية

 

انطلقت عملية ربيع النصر بشكل سري ومباغت وبدون ضجيج إعلامي مسبق، مما جعلها تحقق نتائج ملموسة ومنع تحالف العدوان ومرتزقته من الاستعداد للتطورات الميدانية ، وهو ما سبب تسارعاً في الانهيارات التي مُنِيَ بها تحالف العدوان ومرتزقته ، وجاءت عملية ربيع النصر من جنوب غرب وجنوب مارب في وقت كان تحالف العدوان ومليشياته ومرتزقته يستميت في جبهات شمال وشمال غرب مارب ، الخطوات المدروسة للعملية جعلت أبناء مارب الذين التفوا مع العملية العسكرية ليشكلوا معها زخماً عسكرياً هجومياً أربك العدو وضاعف من انهياراته على طول خط الاشتباك.

 

شكل انطلاق عملية ربيع النصر مفاجأة عسكرية لم يدرك تحالف العدوان وجهتها إلا مع وصول القوات المسلحة إلى مديريتي الجوبة وجبل مراد ، فقد بدأ المسار العملياتي للعملية الواسعة منذ تمكنت القوات المسلحة من تحرير محافظة البيضاء بشكل كامل ، في سبتمبر الماضي ضمن عمليات النصر المبين التي نفذتها القوات المسلحة على ثلاث مراحل انتهت بتحرير محافظة البيضاء وبدء المعركة باتجاه مديريات شبوة.

 

استوى التحضيرُ حضورًا بشرياً زاحفاً وعزمًا إيمانيًا صلباً، رمى الجمع بنظره أقصى الجبهة ووُضعت المساراتُ من حيث لا يظن العدو الضربةَ فكانت الفجأةُ أول شروط الزحف التي تحققت من جنوب مارب لا من الكسارة ولا من طلعتها الحمراء؛ حيث ترسمت أحدثُ خطوط الدفاع المتقدمة، في آخر المعارك على تخوم المدينة.

 

وبمجرد وصول قوات الجيش واللجان الشعبية إلى مشارف محافظة شبوة ، تحركت القوات الوطنية مسنودة بالمجتمع والقبائل نحو مديريات محافظة مارب.

 

قاتل أبناءُ مارب في مقدمة صفوف الجيش واللجان.. كثيرٌ منهم شاقهم العودُ إلى مدينتهم المحتلة، وشق عليهم فراقها بعد طول نزوح وتهجير قسري، ولأن أهل مارب أدرى بجبالها وبراريها، فقد سهل الأمر كثيراً من العمليات الحربية على صعيد جغرافيا الأرض، أما ديموغرافيتها فقد كانت القيادة العسكرية من موقع الإدارة، والقيادة تنسق وتتواصل بالأعيان والوجاهات القبلية وأصحاب الرأي والنفوذ في مديريات مارب التي يعتزم الجيش واللجان البدء بعمليات تحريرها، بالإضافة الى مشاركة الجهات الأمنية سيما جهازي الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية في التهيئة والتمهيد وتبصرة القوات بمكامن القوة لدى العدو ونقاط الضعف.

 

 

 

“ربيع النصر” وتحرير مارب.. انتصار يهز تحالف العدوان

 

وصلت العمليات العسكرية للقوات المسلحة إلى تخوم مديريتي مدينة مارب والوادي، وهما المديريتان المتبقيتان من محافظة مارب ، حيث يواصل أبطال القوات المسلحة شن العمليات العسكرية بهدف تحريرهما استكمالا لما بدأوه في عمليات ربيع النصر ، وقد نفذت العملية على مرحلتين وفي الأولى تمكنت القوات المسلحة بفضل الله من تحرير أكثر من 3200 كيلومتر مربع بمحافظتي شبوة ومارب ، أما في المرحلة الثانية فتمكنت من تحرير ١١٠٠ كم٢ ، ليصل إجمالي ما حررته عملية ربيع النصر إلى 4300 كيلومتر مربع.

 

جغرافيا امتدت عملية ربيع النصر من أطراف محافظة شبوة المحاذية للبيضاء ، وصولا إلى تخوم مديرية مدينة مارب ، ففي الأولى تم تحريرِ مديريات عسيلان وبيحان وعين بمحافظة شبوة، إضافة إلى تحرير مديريتي العبدية وحريب مع أجزاء من مديريتي الجوبة وجبل مراد بمحافظة مارب ، وفي الثانية تم تحرير مديريتي الجوبة وجبل مراد بمحافظة مارب ، وصولا إلى مداخل مدينة مارب.

 

يحسب لعملية ربيع النصر أنها أكبر عملية عسكرية برية خاضها مجاهدو الجيش واللجان الشعبية بزخم ميداني غير مسبوق ، وبإسناد فاعل من قبل المجتمع في المديريات المحررة ولهذا جسدت حالة من التعاون والتكامل وكرست أبعادا أخوية واضحة وحاضرة بين الجيش والقبائل ، علاوة على أنها مثلت دافعا معنويا ونضاليا للمواطنين من أبناء مارب الذين تشكلوا ضمن العملية وباتوا اليوم يمثلون رأس حربة الجبهات ضد العدوان والمرتزقة في مارب.

 

وقد أشار لهذا الدور المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمره يوم 24 أكتوبر وقال “اليوم القوات المسلحة تسجل بكل فخر الدور البارز لمشايخ مارب وأحرارها الأبطال على دورهم الكبير في تحرير مناطقهم وتأمينها وتسجل كذلك بكل اعتزاز دور السلطة المحلية ودور كل المواطنين الأحرار من أبناء المحافظة”.

 

وذكر العميد سريع ” كان للأحرار من أبناء مديرية جبل مراد موقف مشرف بانحيازهم إلى بلدهم وشعبهم ضد الغزاة والمحتلين من عملاء واشنطن وتل أبيب”.

 

 

 

تَمنُّع العدوان ومرتزقته سهّل تحقيق النصر

 

مداراة العدو نصف النصر إلقاء للحجة وإسقاطاً للوم وتخفيفاً من الدم، جيء بالمشايخ وتدخل الوسطاء وأفسح المجاهدون المجال لكل صوت عاقل وكلمة سواء فأفشل كبرُهم كل الجهود وأجهض جميع المبادرات لتعود الكرة في رسم المسارات العسكرية وفي أيدي الأحرار من أبناء مارب ومستضعفيها ممن اكتووا بنيران المحتل والغزاة.

 

وصلت كثيرٌ من الوساطات الى طريق مسدود وحين أحس المشايخ منهم الكبر عزمَ المؤمنون إصراراً على النصر فما وهنوا في ابتغاء القوم ولا استصعبوا الطريق ولا استثقلوا المهمة ، والتفّ الزحفُ من أطراف البيضاء الى بيحان شبوة، وعسيلانها وعينها واستوى بعد ست ساعات نصراً في حريب مارب، ولم تستقر طلائع الرجال إلا في خطوط العبدية ووسَطَ واسط الجوبة .

 

 

 

إنجاز في وقت قياسي

 

في ست ساعات تحرّرت أربع مديريات بأكملها على هامش معارك مارب وفي الطريق إليها، حيث سرى الرعب أمام المجاهدين ، بعدها لم يطل أمد المعارك ولم يأخذ المجاهدون استراحة محارب بل كانت الفرصة تلو الأخرى تُمنحُ للمشايخ للتدخل والتوسط ودرء الدم ليقضي اللهُ بعد ذلك في العبدية وجبل مراد أمراً كان مفعولاً.

 

أضاف المراديون في الجبل إلى لائحتهم إنجازًا آخر، حين أخذوا العبرة من العبدية ورحبة واختاروا السلم على الحرب ، أما الجوبة فما حيلة المجاهدين مضطرين إلا حسمها عسكرياً وبأقل خسائر في عملية نصفها اقتحام ونصفها مداهمة لفكفكة عُقد ما عجزت الوساطات عن حله ، لتذكَّر في خاتمتها بحرب حريب التي رحبت بالمجاهدين وهللت استبشارًا بقدومهم وفرحًا بالتحرير.

 

سريعاً ارتفعت رايةُ العفوِ تعلو رايةَ النصر، فدخل الكلُ تحت ظلالها، شيوخاً ووجهاء مقاتلين وجرحى صنعاء تداوي الجميع وتؤويهم رغم غور جراحها وجور الجور عليها.

 

 

 

صحيفة الثورة/ يحيى الشامي

مقالات ذات صلة