‏المولدُ النبوي يُحْيي النفوس

أمة الملك الخاشب

 

فيه حياةٌ للنفوس المتعبَة وجلاءٌ للقلوب الصدئة، فجرّبوا أن تعيشوا مع معاني المولد النبوي ومع أهدافه التي تسمو بالروح لتجعلَها ترقى وترقى لعلَّها تبلُغُ أعلى درجات الإيمان، التي كان يردّدُها الإمامُ زين العابدين في دعاءِ مكارم الأخلاق، وهو يقولُ: اللهم بلّغ بإيماني أكملَ الايمان.

 

 

 

لن أتكلمَ عن حياة المجتمع قبل ميلاد سيد البشر النبي الأعظم محمدٍ -صلواتُ الله عليه وعلى آله- وحالةِ الضياع التي كانت في الجاهلية الأولى، وما هي المتغيراتُ التي طرأت على البشرية بعد ميلاده وبعثته رحمةً للعالمين؛ لأَنَّ أغلبَكم تستطيعون وصفَ تلك الحقبة من الزمن.

 

 

 

ولكني سأتناول حالةَ البُعد عن القُــرْآنِ وضعف الارتباط بالنبي الأكرم التي وصلت لها مجتمعاتنا في عصرنا الحالي، وأثر إحياء المناسبات الدينية على نفسية الناس ورفع روحيتهم.

 

 

 

فلنعُدْ إلى التاريخ قليلاً، سيقول قائل: إن اليمنيّين كانوا يُحْيون المولدَ النبوي عبرَ التاريخ وباحتفالات تختلفُ طقوسُها من محافظة لأُخرى، وهذا متفقٌ عليه ولا خلافَ في ذلك.

 

 

 

لكن لماذا جاءت هذه الاحتفالات في السنوات الأخيرة وبهذا الزخم الجماهيري الكبير؟ وبهذه الاستعدادات الكبيرة على الصعيد الثقافي لتهيئة المجتمع لاستقبال هذا المناسبة العظيمة بما يليقُ لها من تعظيمٍ وإجلالٍ حتى أصبحت عيدَ الأعياد وأصبحت تبهجُ الأرواحَ وتُفرِحُ الأطفال وتبكي كبيراتِ السن؛ شوقاً للحبيب المصطفى وطرَباً لسماع سيرته الطاهرة.

 

 

 

هل تعرفون أن كُـلَّ المظاهر التي ذكرتها تغيظُ العدوَّ بل وتخيفُه، ولا أبالغ أن قلت: إن عودتَنا للارتباط بنبينا الأعظم وخروجَنا جميعاً رجالاً ونساءً وصغاراً وكباراً بالحشود المليونية حتى من قبلِ بدء العُــدْوَان، كُـلُّ هذا جعل العدوَّ يدُقُّ ناقوسَ الخطر ويقرعُ أجراسَ الإنذار؛ خوفاً من شعبٍ مؤمنٍ وعظّم شعائرَ الله وأحيا دينَ الله من جديد، وسيحملُ على عاتقه مسؤوليةَ عودة الأُمَّــة جمعاء إلى عُمق ثقافة القُــرْآن التي عملوا لقرونٍ طويلة على فصلِها من ثقافاتِ الشعوب، وعملوا على إفراغ القُــرْآن من أهدافه العظمى التي هم يعرفونها جَيِّدًا، ويعرفون ما معنى أن تفهمَها كُـلُّ الأُمَّــة!

 

 

 

عودوا قليلاً بذاكرتكم إلى قبل حوالي 10 سنوات وربما أكثر، هل تتذكرون الفيلمَ المسيءَ والرسومَ المسيئة لشخص النبي الأعظم؟ التي تجرّأ بها الأعداءُ؛ ليقيسوا مدى ارتباط الأُمَّــة بنبيها ويجسّوا نبضَ المسلمين كيف ستكون ردة فعلهم؟

 

 

 

منذُ عام 1429هــ للهجرة بدأت فعالياتُ إحياء المولد النبوي بذلك الزخم الكبير الذي فاجأَ العدوّ، وكانت كردةِ فعل تعكسُ مدى حبّ وارتباط الأُمَّــة بنبيها الأعظم الذي حاولوا النيلَ منه، وما زادوه إلّا تبجيلاً واحتراماً في قلوب المسلمين وغيرِ المسلمين الذين تساءلوا: من هو محمد؟! ولماذا هذا الغضب وحملات المقاطعة التي كانت آنيةً في وقتها ولم يتم الاستمرارُ فيها؟!.

 

 

 

اليمانيون حملوا على عاتقهم إعادةَ الأُمَّــة للارتباط بنبيها وتصحيحَ ما ورد في بعض الكُتُب المحسوبة على المسلمين، والتي كان فيها إساءاتٌ للنبي الأعظم وهو منها براءٌ، فهو سيّدُ الكونين سيد البشرية سيد الأخلاق بشهادة الله تعالى الذين وصفه بأنه على خلق عظيم.

 

 

 

كان لا بُدَّ من ثورةٍ ثقافية تصحيحية توعوية تعيدُ الأُمَّــةَ إلى كِتابها وتجدّدُ شرحَ آيات القُــرْآن الكريم التي حاولوا حَرْفَ تأويلها وإفراغها من أهدافها، ودسّوا مئاتِ الأحاديث المكذوبة عليه -صلواتُ الله عليه وعلى آله- فيها إساءةٌ له على حسابِ تمجيدِ البعض، وفيها تناقُضٌ مع آيات الله الواضحات البيّنات والتي لا مجالَ هنا لشرحِ بعضها، فالمسألةُ واضحةٌ كالشمس.

 

 

 

قامت في اليمن ثورةُ مران صعدة؛ لتصحيحِ المسار الفكري للأُمَّــة وكان إحدى نتائج تلك الثورة المباركة هي عودةَ الأُمَّــة لإحياء المولد النبوي الشريف، لتحيا الأرواحُ من جديد بعَبَقٍ يفوحُ من روح خطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي التي يطرحُها في المولد فيتلقاها المستمعُ بفطرته السليمة ليستشعرَ وكأن النبيَّ الأعظمَ بمنهجه وفكره وحياته وجهاده وأخلاقه حاضرٌ بيننا.

 

 

 

أهازيجُ وأناشيدُ ومواليدُ وصلواتٌ محمديةٌ تُحْيي القلوبَ ودعاءٌ للمجاهدين وحَثٌّ على ثقافة الجهاد وتحشيدٌ شعبي وتعبئةٌ عَامَّـة، فلم يكن المولدُ يوماً مُجَـرّدَ طقوس شكلية ليس لها هدفٌ سوى أنها عادةٌ متوارثةٌ، بالعكس أصبحت معظمُ الشعوب العربية تنتظرُ وتراقِبُ حجمَ التحشيد للمولد النبي في اليمن، فيدركون أن سِرَّ صمود هذا الشعب وسِرَّ المعجزات التي يسطّرُها في عملياتٍ كانت كالأساطير، وسِرَّ القوة والايمان، هو في ثقافةِ الاتّباع والتولّي للنبي الأعظمِ وعترتِه الطاهرة.

 

 

 

وتسمعُ وترى المنافقين والمبغضين يبدأون بالعملِ الدؤوبِ لإفشال فعاليات المولد النبوي، ويبدأون في بثِّ الأراجيف؛ لصرفِ الجماهيرِ عن نبيِّهم والتي لا تجدُ لها مرتعاً ولا تجد لها طريقاً سوى صخرةِ صمودِ هذا الشعب المرتبِطِ بنبيه ارتباطاً روحياً وإيمانياً تتوارثُه الأجيالُ جيلاً بعد جيل.

 

 

 

وفي هذا الزمان رزقنا اللهُ بقائدٍ عظيمٍ أعاد لليمنِ بل ولكلِّ الأُمَّــة كرامتَها وعزتَها التي عادت بعودةِ سيرةِ النبي الأعظم قولاً وعملاً وجهاداً واستشهاداً، فحقٌّ للنبي الأعظم -كما قال السيد عبدالملك في أحد خطاباته- أن يفخرَ بنا نحنُ أبناءَ اليمن؛ لما قدّمناه من مواقفَ بطوليةٍ وجهاديةٍ في وجه أعتى عتاولة الأرض وطُغاتها.

 

 

 

إذن فاصرخوا جميعاً بالصوتِ العالي: (لبيك يا رسولَ الله)؛ ليصلَ صدى صوتِكم ويجلجلَ في أرجاءِ الكون قائلاً: محمديون باسم المصطفى هتفوا.. ما هَمُّهم تستمرُّ الحربُ أَو تقفُ.

مقالات ذات صلة