مفاعيلُ التنمية المستدامة

د. شعفل علي عمير

 

التخطيط للحاضر من مقتضيات التنمية المستدامة، مع مراعاة متطلبات المستقبل، ومن أبرز عوامل نجاح التنمية هي الاستمرارية في النمو لكل القطاعات الاقتصادية، وذلك من خلال الحفاظ على موارد القطاعات المختلفة، في إطار منظَّم يجعل من موارد هذه القطاعات متبادلةً ومتكاملة في عملية التنمية بحيث لا يتجاوز قطاع على موارد القطاعات الأُخرى.

 

فعلى سبيل المثال، في كُـلّ دول العالم يتم تقسيمُ الأراضي طبقاً لنوع الاستخدام لها، ومن شأن هذا التقسيم حماية الأراضي من تجاوزات قطاع على حساب قطاعات أُخرى، وبالتالي يتم إعطاء كُـلّ قطاع نوعاً من الأراضي المناسبة طبقاً لطبيعة الأرض، وهناك فوائد أُخرى لهذا التقسيم في خصوصية القطاع المستخدَم للأرض، فعندما يتم تقسيم الأرض تؤخذ بنظر الاعتبار المصلحة العامة للسكان وتوفير قدر كبير من التنظيم الذي يكفل التنمية المستدامة لكل القطاعات، وهنا يجبُ قبل الشروع في تنمية قطاع معين أن تدرس تلك الآثار التي ستترتب على هذه الخطوة على القطاعات الأُخرى، بحيث نحافظ على موارد القطاعات بشكل يضمن استمرارية التنمية الشاملة لكل المنظومة الاقتصادية وتؤخذ في نظر الاعتبار أثناء التخطيط مصلحةُ الأجيال الآتية، وهنا جانب آخر تحقّقه عملية تقسيم الأراضي هو جانب التخصص والاستخدام الأمثل للموارد.

 

فالأراضي توزع كأراضٍ زراعية وصناعية وأراضٍ خَاصَّة للخدمات، وبهذا نحمي الأراضي الزراعية من تجاوزات القطاعات الأُخرى من جانب وتخصيص أراضٍ للقطاع الصناعي كالورش والمصانع بعيدًا عن الأحياء السكانية التي أصبحت تعاني من الضوضاء والتلوث التي تسببها الورش والمصانع، وهذه فائدة أُخرى نستفيد منها جراء تقسيم الأراضي، ففي معظم دول العالم تكون تلك الورش والمصانع بعيدة عن المدن وتسمى مدناً صناعية يقصدها كُـلّ من أراد خدماتها.

 

ويجب أن تراعَى في تقسيم الأراضي جوانبُ مهمة، منها جانب الجذب التي تكون عادة من خلال تقديم الخدمات التي تقدم للقطاع في الأرض المخصصة له فتقديم خدمات الهاتف والمياه والكهرباء والتخطيط الحضري يحفز المجتمع للبناء والسكن في تلك الأراضي والعكس عند عدم تقديم هذه الخدمات.

 

كما يراعَى أَيْـضاً عند شق الطرقات أن تخدمَ القطاعات المختلفة، وهذا يتطلب التنسيق بين المؤسّسات العاملة والاعتبارات التي تخدم المجتمع وتحمي أراضيه من العبث، بحيث تُلبي التنمية احتياجات الحاضر مع مراعاة قدرة الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتهم.

مقالات ذات صلة