غضب شعبي متصاعد في المحافظات المحتلّة.. ثورة ضد الاحتلال وأدواته

صحافة

تعيشُ مدينةُ عدنَ والمحافظات الجنوبية الواقعة تحت قبضة الاحتلال الإماراتي السعوديّ أزمةً إنسانيةً صعبة، جراء الانهيار المتواصل للعملة اليمنية وهبوط الريال اليمني إلى أدنى مستوياته.

 

المعاناةُ ظهرت في وجوه المواطنين، حَيثُ أفقدتهم لذة الحياة وكرامة العيش، فأصبح المواطن غيرَ متفائل بمستقبل أفضل، وبات كُـلَّ يوم يكيلُ اللعنات والشتائم على من أوصله إلى هذا الوضع من حكومة مهترئة تسكُنُ في فنادق الرياض، ومليشيات تابعة للاحتلال الإماراتي تسيطر على عدن وغيرها، وتحالف عدوان أثبتت الأيّام أنه جاء ليحتل الأرض وينهب الثروات، ولا يرمي للشعب سوى الفتات.

 

ويتصاعدُ الغضبُ الثوري في المحافظات المحتلّة من يوم إلى آخر، لتنذر بعاصفة هوجاء قد تقتلع أمامها كُـلّ شيء، لا سِـيَّـما إذَا ما استمر الوضع كما هو عليه، أَو انحدر إلى الأسوأ.

 

ويرى محافظ عدن التابع لحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، طارق مصطفى سلام، أن تظاهرات أبناء المحافظات الجنوبية المحتلّة المطالبة بخروج دول الاحتلال والمرتزِقة وأدواتها، تأتي استجابةً للخطاب الذي ألقاه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظة الله- في ذكرى يوم الولاية، والذي كان له الأثر الكبير في نفوس أبناء عدن وبقية المحافظات المحتلّة، منوِّهًا إلى أنهم استلهموا من سماحته دروس العزة والإباء، لا سِـيَّـما بعد تأكيده على ضرورة تطهير المحافظات المحتلّة من دنس الأعداء والمتربصين، وانطلاق معركة التحرير في وجه قوى الاستكبار العالمي.

 

ويؤكّـد المحافظ سلام في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الاحتلال الأمريكي السعوديّ الإماراتي يلفظ اليوم أنفاسه الأخيرة في المحافظات الجنوبية، جراء ما يشهده من تظاهرات شعبيّة كبيرة، انطلقت شرارتها للتأكيد على ضرورة طرد المحتلّ وأذنابه من أراضي اليمن الطاهرة.

 

وعن مدينة عدن التي تشهد حراكاً شعبيًّا واسعاً ضد قوى الاحتلال وأذنابه في مختلف المحافظة التي عاشت ولا تزال تعيش على مآسي الاحتلال وممارساته الوحشية، إضافة إلى التدمير الممنهج الذي طال كُـلّ مؤسّسات ومقومات الدولة وسخر مواردها إلى جيوب وحسابات قوى متنفذة وإجرامية تسعى إلى تجويع أبناء الشعب اليمني وتركيعه وتحقيق مصالح خارجية على حساب الوطن والمواطن، أشاد المحافظ سلام بالروح الثورية العالية الذي يتمتع بها أبناء عدن والمحافظات الأُخرى وبالأحرار والأشاوس في مواجهة قوى الاحتلال ومرتزِقتها المجرمين الذين يمارسون اليوم أبشع الجرائم والانتهاكات الصارخة ضد المواطنين العزل، مؤكّـداً على أهميّة توحيد الرؤية وحشد الطاقات من كافة الأطياف والقوى الوطنية الشريفة والمضي نحو تحرير الوطن من براثن الاحتلال الخارجي الغاشم.

 

ويعتبر المحافظ سلام أن طريق الاستقلال لن يكون مفروشاً بالورود ولن يصل أبناء عدن وبقية المحافظات المحتلّة إلى ما يسعون إليه ما لم تكن هناك جهودٌ كبيرة وتضحيات عظيمة تتصدى لهذه المخاطر والتحديات وتواجهها بكل بسالة.

 

ويدين محافظُ عدن، طارق سلام، قمع المتظاهرين السلميين بقوة السلاح من قبل مليشيات الانتقالي التابعة للاحتلال الإماراتي، معتبرًا ذلك إعلان حرب على الإرادَة الشعبيّة الرافضة للاحتلال وسياساته الانتهازية والإجرامية، مؤكّـداً أن استخدام القوة واللجوء لسياسة القمع والترهيب والاعتقالات والتنكيل من قبل مليشيات المحتلّ لن تثني أحرار المحافظات الجنوبية على مواصلة انتفاضتهم المشروعة ضد الغزاة والمحتلّين، وأن انتفاضة الشعب في المحافظات الجنوبية حق مشروع وفق القوانين المحلية والدولية والشرائع السماوية، والاعتداء عليها بالرصاص الحي يندرج في إطار الجرائم الجسيمة التي لا تسقط بالتقادم.

 

ويدعو المحافظ سلام كُـلّ أحرار المحافظات الجنوبية إلى حماية المظاهرات الشعبيّة المناهضة لسياسة التجويع التي انتهجها العدوان وأدواته في محاولة منهم لتركيع أبناء المحافظات الجنوبية، مُشيراً إلى أن محاولات أدوات العدوان تسيس المظاهرات وإقحامها في صراعات عقيمة ستقسط تحت أقدام أحرار المحافظات الجنوبية، محملاً مليشيات المجلس الانتقالي المسئولية الكاملة عن كُـلّ قطرة دم تسقط وعن كُـلّ انتهاك يتعرض له المتظاهرين في عدن.

 

 

 

حقائقُ جلية

 

ويتواصل الغليان الشعبي في عدن والمحافظات المحتلّة، في ظل انسداد أية حلول من قبل حكومة الفارّ هادي وقوى الاحتلال الإماراتي السعوديّ، الأمر الذي يعجل بمسار طرد الاحتلال من كافة المناطق اليمنية؛ كونه أصلَ كُـلِّ مصيبة ونقمة.

 

ويقول وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور عادل الحوشبي: بعد مرور 7 سنوات من الاحتلال، عرف أحرار الجنوب أن المستعمر الحقيقي لمناطقهم هي أمريكا وبريطانيا ووكلائهم الإماراتيين والسعوديّين وأدواتهم المحلية، حَيثُ تجلت الحقيقة أمام أبناء المحافظات الجنوبية، على الواقع المعاش من خلال سياسة التجويع التي تمارسها دول العدوان وحكومة المرتزِقة وأدواتها، إضافة إلى الممارسات والتصرفات الاحتلالية على الأرض والصراعات البينية لأدوات الأدوات، وتردي الأوضاع المعيشية والأمنية، وانعدام الخدمات الأَسَاسية، من كهرباء وماء وغيرها، وانقطاع الرواتب، والغلاء الفاحش للأسعار وخَاصَّة السلع الأَسَاسية، والفساد المطلق للسلطات العسكرية والأمنية والمدنية أَيْـضاً ونهب للثروات والموارد.

 

ويؤكّـد الحوشبي لـ “المسيرة” أن خروجَ أبناء عدن وبقية المحافظات إلى الشارع في تظاهرات احتجاجية رغم التهديدات والعنف الذي ممكن أن يستخدم ضدهم ليعبر عن مقاومته لها ورفضه القاطع لتمريرها ويعلن في أكثر من منصة ترحيبه وقبوله بسلطة المجلس السياسي وأنصار الله والتجربة الناجحة في صنعاء وبقية المحافظات، دليل على مستوى الوعي والإدراك لدى المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية المحتلّة، الذي أصبح كبيراً لدرجة أنه أصبح يستشعر بمدى خطورة المشاريع والمؤامرات التي تحاك ضد اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص.

 

وفي مقارنة بسيطة بين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها المواطن اليمني في المحافظات المحرّرة والمحافظات الجنوبية المحتلّة، يقول الدكتور عادل الحوشبي: إن المواطن البسيط في عدن أصبح ينظر إلى الواقع المعاش في الجنوب في ظل الاحتلال والى الواقع المعاش في صنعاء والمحافظات الأُخرى رغم التحديات والصعوبات والعراقيل التي تواجه سلطة المجلس السياسي في المناطق المحرّرة، الأمر الذي يجعل المواطن في المحافظات الجنوبية يرى فروقات كبيرة تميل لصالح الواقع في مناطق سيطرة المجلس السياسي في مختلف الجوانب، وعلى مختلف الأصعدة.

 

ويبيِّنُ الحوشبي أن الواقع المعاش في صنعاء، هو الواقع الملموس وَالذي يحلم به كُـلّ مواطن في الجنوب في المرحلة الراهنة والذي يتمثل بالعيش الكريم تحت مظلة الدولة والشعور بالأمن والأمان والاستقرار والهدوء والسكينة وتوفر على الأقل الخدمات الأَسَاسية بالحد الأدنى، وكل هذ رغم استمرار العدوان والحصار البري والبحري والجوي، موضحًا أن المواطن الجنوبي أصبح يحس بالفرق بين السلطتين، سلطة الاحتلال التي بيدها كُـلّ شيء ولا تقدم أي شيء وسلطة الدولة التي لا تملك إلا الشيء اليسير وتقدم ما تجود به بكفاءة عالية.

 

وعلى الرغم أن الاحتلال ومنذ فترة طويلة يعمل على تدمير النسيج الاجتماعي اليمني على أسس مناطقية ومذهبية وعرقية وجغرافية بين مختلف المحافظات اليمنية منها الجنوبية، إلا أن الاحتجاجات الشعبيّة المناهضة لدول تحالف العدوان وأدواته، تعبر عن صوت كُـلّ وطني حر يرفض المشاريع التي حاولوا تمريرها ليس فقط في المحافظات الجنوبية والشرقية ولكن قبلها في عموم اليمن، الذي تحرّر من أدوات الهدم والدمار والاستعمار والهيمنة في ثورة 21 لعام 2014، بثورة شعبيّة عارمة، أرعبت قوى الطغيان والجبروت والاستكبار العالمي.

 

وينظر وكيل وزارة التخطيط إلى الاحتجاجات الشعبيّة في عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية ضد حكومة ومليشيات المرتزِقة ودول العدوان وأدواتها، على أنها تطورات إيجابية تصب في مصلحة الشعب اليمني، وتعكس مدى استياء المجتمع من هذه الكيانات المصطنعة من أسوأ الأدوات التي أوجدها الغزاةُ والمحتلون لقهر الشعب اليمني وهي تعبر عن تحولات مهمة في الشارع اليمني الجنوبي، موضحًا أن من تلك التطورات، عدم ثقة الشعب اليمني في الجنوب في حكومة المرتزِقة القابعة في فنادق الرياض، أَو بمليشيات المجلس الانتقالي التابع للاحتلال الإماراتي، وثبوت فشل مخطّطاتهم ومشاريعهم المختلفة، بالإضافة إلى سخط الناس من عدم وجود الخدمات وتدهور البنى التحتية الأَسَاسية، وتردي وضع المواطن الاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي، وخروجهم المشرف ضد المرتزِقة والاحتلال.

 

ويوضح الحوشبي أن إدراكَ الشارع الجنوبي بخطورة المشاريع الاحتلالية لدول العدوان القائمة على نهب الموارد والثروات والعبث بمقدراته وخلق الصراعات والحروب وتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني والجنوبي بشكل خاص، من ضمن التطورات، وكذلك خروج الاحتجاجات الشعبيّة في عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة الذي يعبر عن استنفاد العدوان لجميع مبرّراته ووعوده الوردية التي كان يغازل بها الشارع الجنوبي، وانكشاف أمرهم للجمهور الجنوبي.

 

وبحسب الدكتور الحوشبي، فقد كان للانقسامات والصراعات بين أطراف الجبهة الواحدة لدول العدوان على حساب الشعب اليمني في الجنوب، دوراً في تأكيد قناعات المواطن اليمني في عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة، بخطورة الغزاة والمحتلّين ومشاريعهم في حين يقر الكثير بتعرضهم لخديعة كبرى من قبل سلطات المرتزِقة من حكومة الفنادق ومليشيات الانتقالي ودول تحالف العدوان.

 

ويؤكّـد الحوشبي أن المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية والشرقية، يقوم برصد ومتابعة الأوضاع في المحافظات الحرة، وهذا ما جعله يلمَسُ الفرقَ وتكون نتيجة المقارنة لصالح المناطق التي تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى في مختلف نواحي الحياة، رغم التفاوت الكبير في الإمْكَانات والموارد والثروات والفرص وانفتاح العالم واعترافه بسلطة حكومة فنادق الرياض، لافتاً إلى أن الاحتجاجات الشعبيّة في عدن وبقية المحافظات تعبر عن استعداد الجماهير لقبول سلطة أنصار الله في هذه المناطق بلا تحفظات وزوال تأثير التعبئة الخاطئة ضد أنصار الله والمناطق الشمالية بشكل عام، وهذا يعتبر تطوراً مهماً ويؤسس لمرحلة جديدة من بناء الدولة اليمنية الحديثة.

 

 

 

صحيفة المسيرة

مقالات ذات صلة