بصيرة وجهاد وقائد

سند الصيادي

 

كما كان المنطلَقُ في ميدان المواجهة للعدوان السعوديّ الأمريكي من روح الثورة الزيدية المباركة، جاءت منطلقاتُ ومضامينُ خطاب السيد القائد في الذكرى، موازِنةً بين العنوانَين العريضَين التي حملهما زيدُ الثائر الإمام، البصيرة وَالجهاد، ومثّلا توطِئَةً لإيضاح كُـلّ التفاصيل وَاستشرافاً أكيداً لعظيم النتائج.

 

وَإيضاحاً لمعاني البصيرة المنبثقة من مضامين القرآن الكريم، سرد القائدُ كُـلَّ الحقائق التي تقفُ وراءها المعركة، وَكُـلّ المخاطر التي تنجمُ عن التفريط.

 

وَفي عرضه للحقائق، تجاوز القائدُ الإطارَ النظري التحذيري الذي ظل ينذر به ويحذّر منه الجميعَ قبل الوقوع، ليضرب اليوم الأمثلةَ من واقع الميدان، وتحديداً من المهرة وَحضرموت وَسقطرى وَمَـيِّـون، وَفي هذه المناطق ثمة حقائقُ تتكشَّفُ أمام القاصي والداني عن طبيعة وجود الاحتلال العسكري الأمريكي والبريطاني وَأهدافه، وَالدور الذي يمثلُه الطرفُ المحلي والإقليمي في هذا التواجد، وَكذلك التموضع الذي يظهرون فيه كأدواتٍ لا ترتقي في أهميتها وصلاحياتها حتى إلى مستوى أدنى رُتبة للجندي الأمريكي والبريطاني في الميدان.

 

أعاد القائدُ ذكر فوائد الوعي المسبَق بالمخاطر المتوقَّعة، وكيف يمثل هذا الوعي دافعاً للتحَرّك المبني على الفهم الصحيح لموجهات الميثاق الإلهي الحكيم، وبه يكتسبُ المشروعُ الدعمَ الرباني، إلى جانب مشروعيته الدينية وَالإنسانية المقدسة.

 

وَمن الميدان جاء السيد بالدليل، فلولا البصيرة ثم الجهاد لَكانت القواعدُ العسكرية للأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين في وسط صنعاء، ولَكانت في مختلف المناطق الاستراتيجية من هذا البلد، ولأذلوا وأهانوا وقهروا شعبنا، ولَمَا بقي لنا لا كرامةٌ، ولا حرية، ولا استقلال.

 

مجدّدًا يعيدُ قائدُ المسيرة توصيفَ تركيبة الجِهاد المفعَم بالبصيرة على الطريقة القرآنية، وكيف تصبحُ بموجبه الروحُ الثورية والجهادية في أعلى كمالها وَعنفوانها، وَهي الروحُ التي يرى فيها القائدُ القدرةَ على تحرير كُـلّ البلد واستعادة كُـلّ المناطق التي احتلها الأعداءُ وَأخضعوها للأمريكي والبريطاني والإسرائيلي.

 

يقفُ قائدُ المسيرة وَمعه ضميرُ الشعب على أرضية صلبةٍ وَعلاقات ثقة متبادلة، وَمع ذلك يزيدُ القائدُ طمأنةَ شعبه وأمته بأن لا شك ولا التباسَ في الموقف والخيار المتمثل بالتصدي للأمريكي والإسرائيلي وَأدواتهم الإقليمية والمحلية، وَفي هذا المسيرِ المبصر انسجامٌ مع الله وَالمصلحة الحقيقية للأُمَّـة، وَما دونه عمى وجهل يودي بأهله إلى الضياع والهلاك.

 

ومن تحذيراته وَتطميناته يمكن لنا اليومَ أن نرى في عيون وَمُحَيَّا القائد ملامحَ المستقبل كما رأينا منه الحاضَرَ في الماضي، وفقَ بصيرة لا تجاهُلَ فيها لكل هذه الحقائق، ولا تظاهُرَ بالالتباس أَو تأثُّرَ بكل العناوين الأُخرى الاعتراضية؛ بهَدفِ التضليل والتبرير، والتشويش، بصيرة تبقى في أرواحِنا وقيدَ الثورة الذي لا تراجُعَ فيها أبداً، بها تتحرّر الأرضُ والإنسان، ويستعادُ الحقُّ العربي والإسلامي المسلوب والمصادر، وتتجلى الحريةُ والكرامةُ والعزةُ في شعوبنا وأوطاننا، فيما الخزيُ والذل والهوان والعار مصيرُ المستسلمين، واليائسين، والخانعين، والمتنصِّلين عن المسؤولية.

مقالات ذات صلة