أمريكا ومحاولة استثمار هزائمها

د. مهيوب الحسام

 

هُزمت أمريكا في أفغانستان بعد احتلال لها دام 21 عاماً كفشلها في تحقيق أهداف حربها المعلنة على خلفية أحداث 11 سبتمبر2001 م الأمريكية الصناعة والتنفيذ، لكن الانسحاب الأمريكي بوجود حكومة بجيش يفوق 300 ألف فرد والسيطرة الطالبانية دون قتال هو اتّفاقٌ أمريكي طالباني بقبول سيادة لأحد الطرفين على الآخر وما حصل من قبول طالبان برئيس (ذي الأصل الأفغاني) أمريكي الجنسية والهوى والقرار يشي بما ستكون عليه أفغانستان الغد.

 

ومن خلال الأحداث المتسارعة في أفغانستان يبدو أن جو بايدن الذي صنع مع رئيسه أوباما وهو نائبه على إثر هزيمة أمريكا في العراق وقرار انسحابها منه، تنظيم داعش التكفيري الإرهابي في العراق وسوريا وغيرها من الدول العربية؛ بغرض إثارة حرب مذهبية سُنية شيعية تدمّـر وتبعثر ما تبقى من نسيج اجتماعي في شعوب الأُمَّــة المقسمة بمشروع سايكس بيكو جديد؛ وتنفيذًا للمخطّط الصهيوأمريكي مشروع الشرق الأوسط الكبير أَو الجديد الهادف لتقسيم وبعثرة أُخرى لشعوب الأُمَّــة على أَسَاس طائفي ومذهبي وعرقي وفقاً لخارطة بيرنارد لويس للوطن العربي “الشرق الأوسط” يتحقّق فيها حلمُ إسرائيل الكبرى.

 

ليبدأ جو بايدن عهده في الرئاسة الأمريكية بتأسيس وصناعة تنظيم داعشي آخر لذات الهدف وعلى إثر هزيمة أمريكا في أفغانستان وفشلها في تحقيق هدفها المعلن من الغزو والاحتلال، محاولاً استثمار الهزيمة وتحويلها لنصر أمريكي لاحق، مستغلاً اتّفاقَ الدوحة الذي ينهي سلطة حركة أمريكا الكرزائية ويسلّمها لحركتها الطالبانية على أن يكونَ لأمريكا حقُّ الشراكة في اختيار شكل ووجوه الحكم؛ بحجّـة ضمان الدعم والاعتراف دولي والدعم الاقتصادي والدعم والإشراف عسكري والشراكة في القرار.

 

أمريكا تسعى بهذا الاتّفاق ‏إلى بناء تنظيم جديد على غرار بناء تنظيم القاعدة في ثمانينيات القرن الماضي لمحاربة الاتّحاد السوفيتي في أفغانستان وتنظيم داعش لخلق الفتنة في الأُمَّــة وضربها ببعضِها بإشعال حرب سُنية شيعية، ولكن هذه المرة من خلال تنظيم معترَفٍ به دوليًّا يحكم دولةً معترفاً بها تدعمها أمريكا وتكون موازية لجمهورية إيران الإسلامية تستطيعُ مواجهتها وإشغالها بحرب عصابات إرهابية، ما يضعفها للحد الذي يتمناه الصهيوأمريكي لتسهيل القضاء عليها لاحقا.

 

والسؤال الأهم: هل قبلت الحركة أن تكونَ ركيزةً ورأس حربة أمريكية في مواجهة إيران ومحور المقاومة المتحمل مسؤولية مواجه المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة؟.

 

وهل رضيت طالبان أن تكون تنظيماً تابعاً تسعى أمريكا لفرضه على الأوساط السنية وبه يتم تجييشُ سُنة أمريكا وقوداً وتحظى بدعم مالي من الأنظمة النفطية لتحقيق المشروع الصهيوأمريكي الشرق الأوسط الجديد؟.

 

إنَّ أمريكا وبدعم خليجي تركي ستمضي بهذا التنظيم لتحريك الجماعات الإسلامية في دول الجوار وأولها الصين كجماعة الإيغور وغيرها لإشغال الصين وخلخلتها من الداخل ويجري ذلك على روسيا والهند وغيرها، وبهذا تسعى أمريكا للنجاح فيما فشلت فيه طوال السنين الماضية سواء بإشعال حرب سُنية شيعية في الأُمَّــة أَو تحريك التنظيم الطالباني لإشعال الفتن والحروب في الدول التي تعادي أمريكا وزعزعة أوضاعها الداخلية.

مقالات ذات صلة