الولاية كما يجب أن تكون

عمران نت / 21 / 8 / 2019

// مقالات // عبد الفتّاح علي شمّار
انقسم الناس بين مؤمن ومنافق وذلك وفق قول رسول الله (صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم) (يا عليّ لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) ولكن هل فهم المحبّون والمبغضون الولاية كما يجب أن تفهم!
أمّا المبغضون فرأوا في ولاية الإمام علي وأعلام الهداية من آل محمّد (صلوات الله عليه وعلى آله) فرضا لسيطرة أسرة بذاتها على مقاليد الحكم دون السّماح لغيرهم بذلك مع أنه قد يكون في أوساط الناس من هم أقدر من آل محمّد على إدارة الأمور وهو نفس ما قاله أجدادهم عندما قالوا ( لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم)، ونسوا أو تناسوا بأن بني إسرائيل من قبل اعترضوا على اصطفاء الله لطالوت حاكما لهم ولكنهم فيما بعد انتصروا عندما أطاعوه واتّبعوه، واستطاعوا التأسيس لبناء دولة كان ملكها من بعد هو نبي الله داوود ومن بعده وصلت المملكة إلى ما لم تصل إليه أية مملكة في الدنيا باختلاف عصورها في عهد نبي الله سليمان.
وأعلم بأن هناك من سيقول: لكن ذلك الكلام كان بأمر من الله بلّغه لهم عن طريق نبي من أنبياء الله، وهنا لا أحتاج إلى كثير من الكلام حول ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون)(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون) (المائدة:55،56)،
ولا أحد يستطيع إنكار أن من تزكّى بخاتمه وهو راكع هو الإمام علي عليه السّلام، أضف إلى ذلك قول رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) (تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي آل بيتي )
وقوله للإمام علي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي)
(من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله)
ومما يوضّح الصورة أكثر التأمّل في واقع العرب والمسلمين اليوم، كم من المسلمين لا يؤمنون بولاية علي (عليه السلام) ويؤمنون بولاية الشيخين ولكن رغم عددهم الكبير إلا أن أمريكا وإسرائيل تحركانهم كيفما شاءتا ولا يحق لهم المناقشة فضلا عن الامتناع عن تنفيذ أوامر اليهود والأمريكان، بل صارت أمريكا تقتل المسلمين وتدمّر بلادهم بأموال ومقاتلي من ينتمون إلى الشيخين ويتولّونهما.
وفي الجانب الآخر يقف من تغنّوا بولاية الإمام علي (عليه السلام) ولكنّ بعضا منهم نسوا أو تناسوا أن ولاية علي (عليه السّلام) تعني اتّخاذه نموذجا وقدوة؛ فجعلوا منه أسطورة لا يمكن لأحد أن يمتلك كل تلك القدرات الخرافيّة التي امتلكها والتي تجعل من وجود من يستطيع القيام بما قام به أمرا مستحيلا، وفي ذلك وأد لمفهوم الولاية الصحيح من جهتين:
الأولى: أن الاقتداء به مستحيل لأنه من أين لنا أن نكون في شجاعته في مواجهة الكافرين طالما ليس لدينا القدرة على خلع باب حصن خيبر، ومعرفة ما سيكون، وأن نخرج إلى السوق لنتصدق فيأتينا الملائكة ليبيعوا لنا ويشتروا منّا ويعطونا من ذهب الجنة ودنانيرها، وغير ذلك مما يجعل الإمام علي يبدو خارقا للعادة، مع انّنا لو عدنا إلى القرآن الكريم في حديثه عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لما وجدناه بذلك الشكل الأسطوري؛ وأن ما صنع الفارق بينه وبين العالمين هو تمسّكه بالوحي في كل ما يقول ويفعل: (وما ينطق عن الهوى) (إن هو إلا وحي يوحى)،(النجم3،4)
(إن أتّبع إلا ما يوحى إلي) (الأنعام 50)، وغيرها من الآيات التي تؤكد أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ليس إلا بشرا اصطفاه الله للرسالة فبلّغ ما أمره الله بتبليغه على أكمل وجه قولا وفعلا وأخلاقا، فهل يحقّ لأحد أن يفترض للإمام علي (عليه السلام)
ما لم يكن لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، الإمام علي (عليه السلام) تميّز عن غيره بما تميّز به رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ولذلك جاءت ولايته امتداد لولاية رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.
ومن جهة أخرى من أين لنا بقائد نتولاه يحظى بكل تلك الخوارق ليبقى من يتولون الإمام (علي) (عليه السلام) متفرّقين تائهين بانتظار إمام يتحكّم في نواميس الكون وهذا من المحال، ولابد لمن يتولى الإمام علي عليه السلام أن يؤمن بولاية أعلام الهدى من آل (محمّد وعلي) (صلوات الله عليهما وعلى آلهما) لأن في ذلك واقعية لمفهوم الولاية وترجمة عملية تسير بالأمة نحو النصر والفوز العظيم.
وأختم بأن أبارك لكل مؤمن ومؤمنة بولاية الإمام علي (عليه السلام) ولا أجد أجمل من قول السيد الشهيد القائد في ملزمة (أمر الولاية) حيث يقول:
(ونحن نقول – أيها الإخوة – : إنها نعمة عظيمة علينا، نعمة عظيمة علينا أن نكون نحن الشيعة من اختصينا، ومن اختصنا الله بهذه العقيدة الصحيحة، المنسجمة مع كتاب الله، ومع رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن نكون نحن من نحيي ذكرى هذا اليوم، من نحيي ذكرى الولاية، من ننصر الله – كما قلت سابقاً – إن الله يقول: {يَا أيُها الَّذِيْنَ آمَنُوْا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ}(الصف14).
إن من لا يعلنون ما أعلنه الرسول في هذا اليوم هم من يَصِمُون الله في حكمته، وفي عدله، وفي رحمته، هم من يضيفون النقص إلى الله).

#ملتقىالكتاباليمنيين

مقالات ذات صلة