لتحقيق معاني الصوم في رمضان

عمران نت / 12 / 5 / 2019م

// مقالات // محمد أحمد المؤيد

لأن الله قد جعل الصوم له وهو يجزي به عبادة المومنين الصائمين بل ومن جوده وكرمه حدد لهم باب من أبواب الجنة لا يدخل منه إلا الصائمون اسمه الريان ” اللهم جعلنا من من يكتب لهم الدخول إلى جنة الفردوس منه بمشيئتك سبحانك ” , ولأن شهر رمضان الكريم قد فرض علينا صومه كمسلمين من رب رحيم ودود كريم وضوعفت فيه الحسنات حتى غدا الفرض فيه بسبعين من مثله والنافلة بفرض في الأجر والثواب بالإضافة إلى الكثير من دروب الخير والثواب التي تنهال على عبادة الصائمين من ذلك الثواب وتلك المثوبة التي تغدق المرء المسلم بجزيل العطاء والمغفرة والبركة وهو نعم الثواب , الذي هو في الأخير سيرجح بإذن الله كفة الحسنات التي هي تعتبر سبب رئيسي في دخول جنة الله , التي ذكرها سبحانه بجنة عرضها كعرض السموات والأرض أوعدت للمتقين , التي قال عنها علماء الدين في التفسير أن قوله سبحانه في الآية الكريمة في الكلمة ” عرضها ” وحدد عرضها ولم يقول جل في علاه طولها , وذلك أن عرضها فقط يبدو بهذه الصفة وبذا فكيف سيكون طولها ” لا إله إلا هو سبحانه ” , وبذا فالحسنات في رمضان المبارك مضاعفة على غيره من الشهور من السنة الهجرية وهذه بحد ذاتها فرصة ثمينة لهذا الإنسان المسكين الضعيف الذي بطبعه مذنب حتى وإن أطمئن لوضعه الملتزم , لأن لا أحد بإمكانه أن يزكي نفسه فالله أعلم بما تكنه النفوس وما تخفيه الصدور , التي دائما ًما تظل تنهم إلى أبتغاء ملذات وشهوات الدنيا الغرارة بطبعها والزائغة على الأقل من نقطة حومها حول الحماء , ولذا فجدير بالمؤمن الفطن المتطلع إلى الخير أينما وجد أن يتقنص لثواب الله العظيم وأجره الشاسع فيحاول أيما محاولة بإن ينهل من روحانية وأجر رمضان الكريم , بإعتبره سيد الشهور لما له من جزيل الثواب والعطايا والمنح من إله جواد كريم , فيغدو مجندا ًشخصه وروحه المتوددة لأقتناص كل مامن شأنه أن يزيد في الحسنات , التي كما ذكرت لكم بإنها رصيدنا للدخول إلى الجنة , التي فيها ملا عين رأت ولا أذن سمعت , متحاشياً ومبتعداً بتقوى الله ما أستطاع عن أي طريق هو لكسب السيئات , التي قد تنهال وتتوافر ولو بمجرد الغفلة وعدم تعظيم شعائر وحرمات الله , التي يعتبر شهر رمضان المبارك من أهم وأزكى شعائر الله على الإطلاق ويجب تعظيمه وتعظيم ما فيه.

إن الحديث عن رمضان المبارك حديث لا يقف عند حد ما ولا ينتهي عند كلمة صيام وقيام , كون رمضان له خصوصية تجعل منه شهر ثري بالمعاني والعبر , التي لو تأمل فيها الناس لوجدوا فيه دروس تربي وتعلم وتترجم وأقع الحياة بشكل لا يخطر إلا عند المتمعنين لآيات الله على هذه البسيطة , لأن رمضان دروس من الصبر ودروس من البذل والعطاء ودروس من تغيير نمط الحياة الروتيني , بل وأهم دروسه الوقت ودقة التعامل معه وكيفية أستغلاله وأنتهازه , بل وضرورة التحلي بشيء من الحكمة في تسيير شؤون يومنا نهاره وليله كي يغدو في سلاسة وسلام لا يتخلله أي تقصير , في الوقت الذي بمجرد الغفلة أو السهو للحظات ولم نستغلها فندخل حينها في وقت أخر يطلب منا الإلتزام بشيء أخر ونعاني من تلك الغفلة البسيطة , كما هو شأن وقت أذان الفجر وعبر إنشغال أو تساهل الناس بأمور كالعمل والنوم والجلوس مع العائلة ومتابعة التلفزيون أو التلفون الخلوي أو ما إلى ذلك بأمل أن يشرب أو يأكل أو على أقل تقدير شربة الماء قبل النداء , فلا يسمع الفرد منا مع غفلة إلا بصوت النداء “الأذان” للإمساك عن المفطرات وبدأ يوم الصوم الجديد , ساعتها لا يجد الشخص إلا أن يأنب نفسه ويوبخها على غفلة داهمه الوقت فيها ولم يعد بوسعه عمل ما غفل عنه , ولذا فالوقت مهم في رمضان فيبدو متسارع وغير ملائم للكثيرين لتأدية أمور حياتهم بشكل متباطئ أو مع عدم الإكتراث لمسألة الوقت , فهي تمرة وكوب ماء وأقامت الصلاة وبعدها تناول طعام العشاء ثم صلاة العشاء ثم التراويح لمن أراد ثم الذهاب للعمل أو للإجتماع مع الأصدقاء في المقيل ثم نزر قليل من النوم والجلوس مع العائلة ثم صلاة القيام وتلاوة القرآن ثم السحور ثم الفجر ثم يأتي النوم لقليل من الوقت بعد ليلة مضنية من التنقل بين مضامينها ثم الذهاب للوظيفة أو العمل وتلاوة القرآن وأداء الفروض في أوقاتها ومصارعة الملل المصاحب للجوع والعطش وأنتظار الفطور وسماع دوشة المذياع والتنقل بين خزعبلات البرامج الإذاعية والتلفزيونية وأفضلها تدارس القرآن والإستماع لمحاضرات دينية قيمة وهادفة هذا للرجال أما النساء والمطبخ وعناء تحضير الوجبة الرمضانية التي بدلاً من أختصارها بكونه صيام وإذا بها تضاعف ” والله يكتب الأجر ” , وكل هذا وذاك يتطلب التحري والتدقيق في الوقت لأنه لوفات وقت فات معه خصوصية هذا الوقت أو ذواك وما يستحب أو يحلو العمل به وفيه في هذا الوقت بالتحديد , لأن فوات وقت صلاة الظهر في جماعة وما تحمله من أجر مضاعف لن نحصل عليه كصاىمين مصليين بتسليم إمام المسجد وإنهاء الجم

اعة , وهكذا لو فات وقت مابين صلاة الظهر والعصر وما يتخلله من روحانية لتلاوة القرآن في المسجد والإستماع لمحاضرات دينية هادفة كما يعمل في كثير من المساجد على رأسها الجامع الكبير بصنعاء والجو الرمضاني البحت الذي لا يوجد لهذه النكهة الفريدة المنسجمة مع الجو الرمضاني إلا في رمضان , وهذا الكلام فيه ترميز مني لأولئك الذين يتمتعون بحلو المنام في يوم الصيام.

من خلال هذا كله , فإنه لنفهم أن من يهمه شأن صومه وقيام ليله في رمضان ويريد تحقيق معاني الصوم في رمضان فما عليه إلا أن يعي أن وقت رمضان وغير رمضان هو يعتبر وقت من أوقات أعمارنا وسيغادرنا ببرودة ولن يعود علينا حتى نلقى الله ونسأل عنه وعن كل صغيرة وكبيرة وشاردة ووأردة إلا أن رمضان الكريم فيه كرم الثواب والأجر من الله الكريم الرحيم , وهذا ما يجعلنا بد أن نشمر ونحث أنفسنا ليس إلى الصوم وحسب ولا القيام وحسب وإنما إلى التنافس أؤكد ” التنافس ” على الخير وجني الثمار , التي تنهال على يد طالبها , وخاصة في أداء الصلوات الخمس المفروضة علينا في جماعة وفي أوقاتها , وكذا الإلتزام بكل شيء يحافظ على صحة الصوم وعدم إهمال الليل في غفلة وسهر وراء الملهيات والتسكع في الشوارع والأسواق والمحلات التجارية , لأن من فاته شيء من رمضان فلن يعود ولن يستطيع تعويضه , بعكس كل الشهور فقد نقصر في يوم ونجند أنفسنا في غيره , لكن رمضان بالكاد ننجز مهام يومنا وليلنا وإلتزاماتنا ناحيته , فكيف سنعوض عن يوم أو ليلة مضت علينا وكل ليلة ويوم له ما يكفيه من العمل الدائوب لجني الحسنات ؟!!. فالله الله في التنافس لجني الحسنات بين المؤمنين , وليعلموا أن هناك ثوابت يجب الإلتزام بها كالصلوات والصيام والقيام وما دون ذلك فكل له طريقته في جني الحسنات إما عبر الصدقات أو الجهاد في الجبهات أو تموين المجاهدين والإنفاق في سبيل الله والإنفاق على الفقراء والمساكين وتوزيع المواد الغذائية والملابس وأي شيء قد ينال الواحد منا به الثواب الجزيل في هذا الشهر الفضيل , فالتاجر من خلال ماله والمسكين بالأتيان إلى بيوت الله بالتضرع وأحياء بيوته بذكره سبحانه , لا أن يأتون فقط لمناشدة الناس وكفى , بل عليهم التضرع لله الخالق قبل المخلوق .. وهناك أشياء لايمكن لي أن أتطرق إليها كلها كون لا يوجد متسع لذكرها , لكن يجب علينا كمؤمنين وأثقين بوعد الله وجزيل عطائه سبحانه بالتنافس على تحقيق معاني رمضان بقدر المستطاع وأنتهاز مافيه من الأجر والثواب كمؤمنين ومؤمنات وعلى مبدأ ” الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها ” , وقوله تعالى : ” يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ظل إذا أهتديتم ” صدق الله العظيم.. والله أعلم.

..ولله عاقبة الأمور..

ملتقى الكتاب اليمنيين

مقالات ذات صلة