من الظل إلى العلن .. علاقات “تل أبيب – الرياض” إجهاز على القضية العربية

عمران نت/29 اغسطس 2017م
تواطئ آل سعود ضد مصالح االعرب والمسلمين امتد لعقود من الزمن، عقود اتسمت خلالها العلاقات بين الرياض ولندن “عرّاب انشاء كيان الاحتلال” بأنها تقتصر على العلاقات التجارية والدبلوماسية مع نشأة الرياض. ولكنّ عام 1978، الذي خطّت فيه اتفاقية “كامب ديفيد” للسلام مع كيان الاحتلال، شكّلت عصب توطيد العلاقات وترسيخها بين بريطانيا والاميركان وآل سعود،،،

سناء ابراهيم ـ مرآة الجزيرة

لم تعد العلاقات وتناميها بين الكيان “الإسرائيلي” ونظام آل سعود مسألة ذات أخذ ورد، بل أضحت واقعاً حقيقياً لا ينكره أي من الطرفين، ويوما بعد يوم تتبلور العلاقات في صورتها العلنية، من الزيارات المتبادلة واللقاءات المتكررة وصولاً الى التعاون الاقتصادي، فضلاً عما يكشف عنه في  الإعلام العبري والغربي، حيث أن المشاهد لا تحصى. ولكنّ، العلاقات الثنائية التي وصلت الى أوجها في الفترات الاخيرة، ليست وليدة اللحظة، فمنذ بسط آل سعود سيطرتهم على شبه الجزيرة العربية، بحدِّ “السيف” وبمؤازرة البريطانيين والاميركيين، كانت المؤامرات ترسم معالم العلاقات.

منذ العام 1915م، وأثناء توقيع”اتفاقية دارين” بين عبد العزيز آل سعود مع بريطانيا، اذ اختار الانكليز للامساك بزمام الامور في الشرق الاوسط، والجزيرة العربية خاصة، التوصل الى شخص يمكن التحكم به، ووقع الاختيار على عبد العزيز آل سعود الذي كان يسعى لبسط نفوذه على مناطق في شبه الجزيرة العربية، ليصبح عبد العزيز لعبة في أيديهم بعد مساعدتهم له بفرض سيطرته على مناطق نجد والأحساء والقطيف والجبيل، فيما يقابل المساعدة بالخضوع إلى أوامر الانكليز، الذين كانوا يخططون لانشاء كيان الاحتلال، وتم تنفيذ مخططهم عبر اتفاقيات دولية بالتقسيم للدول العربية من جهة، ومنعهم من الاتحاد عبر زرع فتيل تقسيم المنطقة من خلال “وعد بلفور” في العام 1917، لانشاء كيان الاحتلال من أجل تمركز اليهود، وفي خلفية البريطانيين أن الاداة التأثيرية والتي يمكن أن يتحكم من خلالها الانكليز بالعرب تتمثل بعائلة آل سعود.

تواطؤ آل سعود ضد مصالح االعرب والمسلمين امتد لعقود من الزمن، عقود اتسمت خلالها العلاقات بين الرياض ولندن “عرّاب انشاء كيان الاحتلال” بأنها تقتصر على العلاقات التجارية والدبلوماسية مع نشأة الرياض. ولكنّ عام 1978، الذي خطّت فيه اتفاقية “كامب ديفيد” للسلام مع كيان الاحتلال، شكّلت عصب توطيد العلاقات وترسيخها بين بريطانيا والاميركان وآل سعود. بتاريخ 17 سبتمبر 1978، ارتسمت “وصمة عار” على جبين الأمة العربية في التعاطي مع الاحتلال، بالتخلي عن القضية الفلسطينية وتوقيع اتفاقية  “كامب ديفيد”، توقيع بادر إليه الرئيس المصري أنور السادات، واختار أن ينسف نتائج حرب 1967، وما أسسه الزعيم العربي جمال عبد الناصر والرئيس السوري حافظ الأسد في الحرب ضد الكيان، وتم توقيع التنازل عن القضية وتمكين الكيان العبري من نقاط استراتيجية على المضائق المائية، والتوسع الاستيطاني على الاراضي الفلسطينية، وشاركت عائلة آل سعود  بالدفع نحو اتمام الاتفاقية والتوسط لدى الاميركان والبريطانيين من جهة والعرب من جهة أخرى، لتكون “كوسيط للسلام” الذي لم يكن سوى خدمة منه للتوسع “الاسرائيلي”.

كامب ديفيد بلورتها مخططات فهد بن عبد العزيز

مفاعيل “كامب ديفيد” التي حضرها فهد بن عبد العزيز، استطالت نتائجها إلى هذا العام (2017م)، وتبلورت مع اتفاقية تيران وصنافير عبر تخلي مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير الى السعودية بهدف تسهيل معابر التجارة لكيان الاحتلال، الامر الذي كان محط رفض وسبب نشوب حرب في عهد عبدالناصر، فيما لعب فهد بن عبدالعزيز دوراً ازدواجياً بالتعاطي مع الاتفاقية التي نالت من حق العرب في السلام عبر دحر الاحتلال، وتم إهمال القضية الفلسطينية، فيما اعتبر محللون أن تواطؤ آل سعود مع الاميركان والبريطانيين حال دون أي سبيل لإنهاء الاحتلال “الاسرائيلي” للأراضي المحتلة.

العلاقات السرية مع تل أبيب تتجه للعلنية “المستباحة” مع تسهيل الملاحة البحرية للكيان

في 17 أغسطس 2017، نُشر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الجريدة الرسمية وأصبحت ملكية جزيرتي تيران وصنافير تحت سيادة الرياض، بعهد سلمان بن عبد العزيز. وبعد نقل سيادة الجزر الى الرياض، ينتقل معها كافة المترتبات عليها، وهي تدخل ضمن اتفاقية “كامب ديفي” التي تضمن لكيان الاحتلال كافة التسهيلات لحركة الملاحة الواصلة بين البحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط. أيضاً، ومن ضمن الالتزامات التي ستترتب على الرياض تجاه تل أبيب، ضمان حرية عبور “السفن الإسرائيلية” والتعاطي مع “رعايا إسرائيل”، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من “كامب ديفيد” على الآتي: “تتمتع السفن الإسرائيلية والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها بحق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط… كما يعامل رعايا إسرائيل وسفنها وشحناتها وكذلك الأشخاص والسفن والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها معاملة لا تتسم بالتمييز في كافة الشؤون المتعلقة باستخدام القناة”.

على مدى عقود ظلّت علاقات آل سعود بالكيان “الاسرائيلي”،  تتبلور بشكل مضمر وتسير من تحت الطاولة، وفي عهد سلمان بن عبد العزيز نمت تلك العلاقات على دماء الفلسطينيين بشكل علني، مع الزيارات المتبادلة بين الكيان والرياض، عبر وفود دبلوماسية وعسكرية متبادلة داخل الرياض وتل ابيب.

الفيصل وعشقي: بناء حلقات الترابط مع تل أبيب على أشلاء الفلسطينيين

مستشار رئيس جهاز الاستخبارت السعودية الأسبق أنور عشقي، اتبع قاعدة ان لم تستحِ فافعل ماشئت، وحطّ مراراً على الاراضي المحتلة، والتقى مسؤوليين عسكريين وسياسيين من كيان الاحتلال،  كذلك فإن السفير السعودي السابق في واشنطن تركي الفيصل, والذي تبوأ رئاسة الاستخبارات السعودية طوال 24 عاما, اختار المؤتمرات الدولية ليعّبر عن مشاعره لشخصيات مسؤولة في كيان الاحتلال، ويمثّل عرّاباً دائما للعلاقات الثنائية بين الرياض وتل أبيب.

سيناريو توطيد الثنائية “العبرية – آل سعود”، عمل ضمن استراتيجيتها تركي الفيصل، الذي مثّل مراراً  نقطة التلاقي الأولى بين الرياض وتل أبيب، وأظهر مواقفه علناً في تصريحات خلال مؤتمر «مجاهدي خلق»، في باريس، مع بروز اسم الفيصل لكونه أبرز شخصية سعودية من داخل أسرة بن سعود تحاور “الإسرائيليين” وتلتقيهم علنا, في مقابل الأدوار السرية التي لعبها رئيس مجلس الأمن الوطني وسفير الرياض الأسبق في واشنطن بندر بن سلطان. وفي عام 2014، وجه تركي الفيصل رسالة إلى “مؤتمر إسرائيل للسلام” المنعقد في تل أبيب، ولفت الى دعوته للاسرائيليين لزيارته في الرياض. وفي العام نفسه، أسدل الستار عما دار بينه وبين  وزيرة العدل “الإسرائيلية”، تسيبي ليفني، خلال جلسات مؤتمر ميونخ للأمن، وكانت منصة مؤتمر ميونخ عام 2010 مناسبة لمصافحة وصفت بـ”الحارة” على لسان متابعين، بين الفيصل ونائب وزير الخارجية “الإسرائيلي”، داني أيالون، وسجل عام 2014 أيضاً، حواراً في بروكسل بين تركي الفيصل والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية”الإسرائيلية”، اللواء عاموس يدلين.

أما اللقاءات العلنية التي جرت بين تركي الفيصل ومسؤولين “إسرائيليين”، فقد تبلورت عام 2016، مع اللواء المتقاعد ومستشار الأمن القومي الصهيوني لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الجنرال يعقوب عميدرور، ضمن حوار في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، وقاد الحوار حينها المدير التنفيذي للمعهد، روبرت ساتلوف.

ألقت تل أبيب الرقابة العسكرية السرية أرضاً وبدأت تعلن دون أي حرج عن علاقاتها مع آل سعود، الذين لا يخجلون من العلاقة مع الكيان العبري، يقول مراقبون. في يونيو 2015 ، كانت اولى الانكشافات العلنية للقاءات أنور عشقي مع مسؤولين “اسرائيلين” في واشنطن، غير أن أراضي الهند احتضنت أيضاً لقاء مماثلاً في العام 2014 ، بزعم وضع الخطط لمواجهة ما سمّي النفوذ الايراني، بكون ايران تشكل العدو المشترك لكيان الاحتلال والسلطات السعودية. لقاءات واجتماعات لم تتوقف عند حد، ولم تلتفت لمعاناة ومجازر جيش الاحتلال بحق أطفال فلسطين المحتلة، التي تزامنت مع الاجتماعات، اذ شهد يونيو 2015 مجزرة في حي الشجاعية بغزة، أودت بحياة 70 شهيداً، وعلى وقع المجازر التي نهشت حياة آلاف الفلسطينين، التأمت وتوطّدت علاقات التصاهر العلني بين آل سعود والكيان العبري.

وكرد على ردود الفعل الشعبية على الزيارات المتكررة التي لا تكترث لدماء الضحايا، سعّر أحد أعضاء الوفد المرافق لانور عشقي في زيارة خلال يوليو 2016، من آلية التطبيع الممارسة لينال من الشعب العربي والفلسطيني، غير مكتفيٍ بما تعود به زياراته من انكسارات على مسار القضية الفلسطينية، بحسب متابعين، أشاروا الى أن عبد الحميد الحكيم، اكتشف أن الخطأ  ضمن مسار العلاقات مع الكيان العبري أنه “يكمن في قصور الفهم العربي والفلسطيني للمجتمع “الإسرائيلي” الذي يحب الحياة ولا يؤمن بثقافة الموت”، على حد ادعاءاته، ليكشف الحكيم عن مستوى عميق من تطبيع السلطات السعودية مع كيان الاحتلال الصهيوني.

يرى مراقبون أن الأيام المقبلة، تحمل الكثير من الأجندات المشتركة بين نظام آل سعود وتل ابيب، خاصة مع التلويح المستمر لانشاء علاقات تجارية بين الجانبين، وهو الأمر الذي قد يكرسه بسط السيطرة على جزيرتي تيران وصنافير.

ونبه متابعون من انطلاء أكذوبة “الوجه الحسن للكيان الغاصب” على طلاب من الرياض، وذلك بسبب التلويح بالتبادل المشترك في كافة المجالات، وعلى هذا المبدأ يقوم طلاب في وشنطن بزيارة سفارة تل ابيب، كأداة للتطبيع مع الاحتلال.

خبراء استراتيجيون انتقدوا كلام تركي الفيصل القائل: “اقول دائما للمشاهدين اليهود انه بالعقول العربية والمال اليهودي يمكننا المضي قدما بصورة جيدة في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية”، مشيرين الى أن العرب يملكون العلم والمال، وليسوا بحاجة للاعتماد على اليهود للمضي قدما” بمستقبل البلاد، غير أن بعض الحكام العرب وفي مقدمتهم آل سعود الذين أضاعوا المال وقتلوا العقول ومن تبقى جعلوه يرتطم بأبواب الهجرة.

وهكذا، أضحى ال سعود بتنفيذ سياسات غادرة يتوسلون التطبيع مع الكيان العبري، متناسين أرواح الآلاف من الأطفال والنساء والشيب والشباب الفلسطينيين والعرب، توفقفت حياتهم بآلة الحرب “الاسرائيلية”، فنظام وأمراء الرياض يغضون الأبصار عن انتهاكات وتدنيس الصهاينة لأولى القبلتين عند المسلمين على الرغم من احتكار نفوذهم على ادارة الاماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي خلاصة القول، سلطات الرياض الحلم المتبقي عند تل ابيب والعكس صحيح مع التخبط الذي تعيشه الرياض على وقع العدوان على اليمن، ودعم الإرهاب في العالم عبر نشر الأيديولوجيا الوهابية وتمويلها.

مقالات ذات صلة