
فتنة ديسمبر… حين انكشف المستور وسقط قناع العمالة
وفاء الكبسي
في لحظاتٍ فارقة من تاريخ اليمن، برزت فتنة ديسمبر كحلقةٍ جديدة في مسلسل الاستهداف الخارجي، وكأخطر محاولة لتمزيق الجبهة الداخلية من الداخل بعد أن فشلت صواريخ وبوارج تحالف العدوان في كسر صمود هذا الشعب. لم تكن الفتنة حدثًا طارئًا، بل كانت ـ بشهادات الخصوم قبل الأصدقاء ـ مشروعًا مكتمل الأركان أشرفت عليه أمريكا والسعودية، ودُفع بالأدوات المحلية لتنفيذه خدمةً لمصالح المحتل لا لمصالح الوطن.
حاول إعلام العدوان تصوير ما حدث في ديسمبر على أنه خلاف سياسي داخلي، لكن الحقائق المكشوفة تؤكد أن الفتنة كانت جزءًا من مخطط التحالف لإسقاط صنعاء من الداخل بعد أن عجز عن اقتحامها من كل الجبهات.
كانت تحركات أجنحة عفاش، وتمويلها الإعلامي والسياسي والعسكري، تسير بتنسيق مباشر مع أدوات العدوان، وظهر ذلك جليًا في تغطيات القنوات السعودية والإماراتية التي احتفت بالفتنة منذ لحظتها الأولى وكأنها «عملية تحرير» لا «خيانة داخلية».
لم يكن المخطط وليد ديسمبر، بل كانت فعالية 24 أغسطس نقطة الإطلاق الأولى لمشروع الانقلاب. وقد اعترف بذلك قيادات من حزب عفاش نفسها، حين تحدثوا عن “تحرّك منظّم” و”ساعة صفر” تم الإعداد لها بدعم خارجي.
أما فيلم قناة العربية الذي بثته بعد الفتنة، فقد كشف ـ من حيث أرادت التلميع ـ التنسيق المسبق بين العفافيش والتحالف، واعترافهم بأن الفعالية كانت محاولة لإظهار قوة يمكن استخدامها سياسيًا وعسكريًا في لحظة معينة. لقد تحوّل الفيلم إلى شاهد ضدهم لا لصالحهم.
في كل المنعطفات، ظهر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حريصًا على حقن الدماء، داعيًا إلى الحكمة، مفضّلًا درء الفتنة على خوض صراع داخلي يخدم العدوان.
مقابل ذلك، كان عفاش وجماعته يدفعون الأمور نحو التفجير، يحرّضون إعلاميًا وعسكريًا، وينفذون أوامرًا لم تعد خافية على أحد. لقد كان عفاش ينفّذ أجندة أسياده في الرياض وأبوظبي، معتبرًا الفتنة آخر فرصة للعودة إلى السلطة ولو على ظهر دبابة أمريكية.
في اللحظة التي قدّم فيها الشعب اليمني آلاف الشهداء دفاعًا عن الوطن، وقف عفاش والعفافيش في الضفة الأخرى، ينسّقون مع من يقصف أطفال اليمن، ويصافحون من يفرض الحصار ويقتل المرضى.
إن شرف مواجهة العدوان لا يُمنح لمن كان تاريخه مرهونًا بالخيانة. تاريخ عفاش منذ عقود يؤكد تبعيته لأمريكا والسعودية، من التعاون الأمني إلى فتح الأجواء والمياه، إلى صفقات مكافحة “الإرهاب” التي كانت غطاءً للوصاية الأجنبية.
لم تكن خيانة ديسمبر الأولى أو الأخيرة، بل حلقة من سلسلة ممتدة:
التنسيق الأمني مع السفير الأمريكي إبّان حكمه.
الاعتماد المالي والسياسي على السعودية في محطات كثيرة.
تحريض قياداته الإعلامية أثناء الفتنة على ضرب صنعاء، واعتبار صواريخ العدوان «منقذة».
المراسلات المسربة التي كشفت رهانهم على تدخل عسكري خارجي لإعادتهم للسلطة.
اعترافات بعض قادتهم بعد الفرار بأنهم تحركوا بإيعاز من الإمارات وأن الفتنة كانت جزءًا من مشروع إسقاط صنعاء.
كل هذه الشواهد تقول إن ما جرى لم يكن خلافًا بين شركاء، بل خيانة صريحة لوطن يواجه أعتى عدوان عرفه تاريخه الحديث.
ختامًا
إن فتنة ديسمبر لم تزد الشعب إلا وعيًا، ولم تُسقط إلا الأقنعة البالية التي طالما تخفت خلف شعارات الوطنية. لقد أثبتت الأحداث أن من يقاتل في صف الوطن يعرف طريقه، ومن يبيع نفسه للعدوان لا مكان له في جبهة العزة.
وهكذا سقط مشروع الفتنة، وبقي اليمن شامخًا برجاله ونسائه، وبقيت راية الصمود أعلى من كل خائنٍ ومن كل عميل.




