
في ذكرى يوم الجلاء .. كيف خطفت السعودية والإمارات استقلال الجنوب اليمني
تقرير / طارق الحمامي
في الوقت الذي يحتفل فيه اليمنيون لإحياء ذكرى يوم الجلاء ، يوم خروج آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن ، يفجر تحالف العدوان السعودي الإماراتي المحتل ، في حضرموت وعدن موجة من التوترات العسكرية الحادة بين مرتزقتها، هذا التوتر بات يتخذ شكل تحريك مليشيات، حشود عسكرية، وانفجارات سياسية تُذكّر اليمنيين بأنهم، رغم مرور 57 عامًا على رحيل المحتل البريطاني، ما زالوا يعيشون في دوامة احتلال جديد لا يقل قسوة ولا تطاولًا على السيادة، وهكذا، تتبدد بهجة اليمنيين بذكرى التحرر من الاستعمار، لتحل محلها خيبة الاستعمار المُعاد إنتاجه، بأسماء عربية وبأدوات يمنية.
من استعمار قديم خرج مطروداً إلى احتلال جديد دخل بأيدي المرتزقة
تحمل ذكرى الجلاء رمزية وطنية كبرى في نفوس اليمنيين، فهي تعني لهم أنها الذكرى التاريخية الخالدة التي حملت بحق كل معاني الاستقلال، السيادة، الكرامة الوطنية، لكن الأحداث الحالية في حضرموت وعدن جعلت المناسبة تتحول إلى تذكير موجع بأن الجنوب لم يعد سيد قراره.
إن مظاهر التحشيد العسكري، وبسط النفوذ عبر مليشيات وفرق أمنية تابعة للمحتلين الجدد من السعودية والامارات، تُظهر أن اليمنيين لم يغادروا مربع الوصاية، بل استبدلوا استعمارًا بآخر، أكثر التواءً وتعقيدًا.
السعودية والإمارات، اللتان دخلتا اليمن تحت لافتة إعادة الشرعية، تمارسان اليوم نفوذًا واسعًا يجعل من الجنوب ساحة سباق نفطي وبحري لا يختلف كثيرًا عن سباق الإمبراطوريات قديمًا على الموانئ والمضائق.
حضرموت .. الجائزة الكبرى في صراع الرياض وأبوظبي
لا يمكن فهم التوتر في حضرموت بمعزل عن ثرواتها وموقعها، فهي المحافظة الأغنى بالنفط والغاز، وأهم موانئ التصدير على البحر العربي، ومنفذ بحري استراتيجي يطل على خطوط التجارة من المحيط الهندي.
هنا بالضبط تتقاطع أطماع الطرفين، فالإمارات تسعى إلى تأمين نفوذ بحري طويل الأمد، يضمن لها التحكم بالموانئ اليمنية، وتكريس دورها كقوة ملاحية إقليمية، والسعودية تريد وضع يدها على وادي حضرموت والصحراء، لتأمين حدودها الجنوبية، وتحقيق منفذ مباشر للبحر عبر الأراضي اليمنية، بعيدًا عن ابتزاز مضيق هرمز.
وبين المشروعين، تتحرك مليشيات وألوية وقوات قبلية، تُدار عبر غرف عملياتها ومصالحها المتضاربة، وتجعل حضرموت أقرب إلى منطقة نفوذ تحت التنافس الحاد منها إلى محافظة يمنية تمتلك قرارها.




