ترامب ومشروع  حلب البقرة الحلوب

// تقارير // انصار الله

بات من المعلوم القول أن أمريكا تقوم بجّر السعودية الى تبني ملفات تخدم مشروعها في المنطقة ومنها “تشديد الحصار الاقتصادي على إيران” و”العدوان على اليمن”، و”الناتو العربي”، بحيث تكون مجبورة على تنفيذ جميع مطالب واشنطن، وتقوم في الوقت نفسه بابتزازها والاستحواذ على أموالها وضمها للخزانة الأمريكية، دون أن تحقق للسعودية حماية مستقلة، بل تسير بمحض ارادتها نحو تدميرها بعد ان يجف ضرعها.

 

ترامب يواصل حلب البقرة الحلوب:

بوتيرة عالية، يتواصل اسلوب الابتزاز من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السعودية وملكها سلمان، ذلك الأسلوب الذي لن سيتوقف عند هذا الحد، بل يمكن أن يتطور الى أساليب أكثر جراءة، فاذا كان حُب ترامب للسعودية وملكها بهذه الطريقة التي تحمل طابع السخرية والتهديد ودفع الثروات، فكيف سيكون حالها عندما يكرهها؟!.

“دونالد ترامب”، التاجر والرئيس الأمريكي الأول من نوعه الذي يكشف للعالم حُبة الشديد لدولة ثرية هي السعودية وملكها سلمان، وبداء يترجم حُبه بمشروعة الذي أطلقه اثناء حملته الانتخابية بحلب البقرة الحلوب، حيث جعل السعودية الهدف القادم والمادة الدسمة لمرحلة حكمة، وأطلق عليها “البقرة الحلوب”، وبدأ سلسلة سخريته وإهاناته للسعودية بتغريدات ثم تصريحات ثم لقاءات ومؤتمرات أمام جمهور من الشعب الأمريكي، حتى وصل بإهاناته للسعودية أمام قادة دول العالم، فلم يراعِ خصوصية السعودية التي يحبها ولا يكتم سراً في خطاباته عندما يتعلق الامر بالسخرية منها، فهو يكشف للملأ بكل وضوح ما هو المراد منها دون أن يخشى شيئاً، ولا يزال حتى اللحظة يكرر ويؤكد في خطاباته حقيقة أن السعودية لا يمكنها الاستمرار في الحكم لحظة واحدة من دون الحب الأمريكي، وهذا ما جعل السعودية تشهد أسوأ أيامها في إطار سيناريو ذلك الحُب.

وفي سياق تنفيذ مشروعة “حلب البقرة الحلوب”، المرتكز على قاعدة “ادفع فأننا نحميك”، سبق وإن قال ترامب خلال لقاءة مع ولي العهد السعودي بن سلمان: “إن السعودية ستعطينا بعضاً من ثروتها”، وكرّر هذا الكلام في عدة مناسبات، حيث كشف خلال تجمّع انتخابي في ولاية فرجينا عن تفاصيل اتصاله بالملك السعودي، وأنه خاطبه: “أنا أحب السعودية وقد أجريت مع الملك سلمان هذه الصباح حديثا مطولا، وقلت له إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحده يعلم ماذا سيحدث للمملكة في حالة تعرضت لهجوم”، ومضى ترامب يقول: “قلت له: أيها الملك ربما لن تكون قادرا على الاحتفاظ بطائراتك، لأن السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لا نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه”، وكرر ترامب تحذيره للملك السعودي من أنه لن يبقى في السلطة “لأسبوعين” دون دعم الجيش الأمريكي، وطلب منه “مكافأة” على خدماته وذلك في كلمته أمام تجمع انتخابي في ولاية ميسيسبي.

وايضاً قال ترامب في كلمة ألقاها أمام تجمُّع لمؤيديه بولاية ويسكونسن الأمريكية: “اتصلت بالملك سلمان بن عبد العزيز؛ فأنا معجب بالملك، وقلت: أيها الملك، نحن نخسر كثيراً في الدفاع عنكم، أيها الملك لديكم أموال كثيرة..”، مضيفا: “نحن ندعم استقرارهم“، حسب ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ومن جديدٍ، عاد ترامب ليبتزَّ السعوديةَ ويهين ملِكَها واصفًا مَن سبقوه بالأغبياءِ وكأنَّهم لا يفقهونَ شيئًا في اطار استمرار أساليبِ ابتزازه لهم واستجلابِ أموالِهم وتسخيرِها للأجندات الأمريكية، حيث قالها ترامب صراحة ودون مواربة: “ليس لديهم سوى النقود”، وتابع: “اتصلت بالملك”، وأردف ساخراً: “يعجبني الملك، قلت له: أيها الملك.. نحن نعاني كثيراً دفاعا عنك.. وأنت تملك الكثير من المال.. صحيح، فقال (الملك) ولكن…لماذا تتصل بي؟ لم يجر أحد اتصالاً كهذا في السابق؟ قلت: ذلك لانهم كانوا أغبياء!، لذلك دفعوا لنا 500 مليون دولار بمكالمة واحدة، تطلب مني الأمر مكالمة واحدة.. أنا لا اتفاخر، بل أكره الأمر، مكالمة هاتفية واحدة “، حيث يصّر ترامب في كل مناسبة وبدون سبب محدد على اهانة السعودية وملكها وولي عهدها بالرغم من كل ما يقدمونه له بسخاء دعما لمشاريعه الاستعمارية، وازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة الاهانات من قبل ترامب لملك السعودية سلمان وولي عهده بقوله: “الحصول من سلمان على 450 مليار دولار أسهل من الحصول على 113.57 دولار من مستأجر في مكان حقير في نيويورك“!.

وخلال  أقل من 10 أيام وجّه ترامب إهانته الثانية للملك سلمان بن عبد العزيز وقال له في تجمّع لأنصاره في ولاية فلوريدا ضمن حملة تدعو لإعادة انتخابه رئيساً لأمريكا في العام 2020 :”إن السعودية دولة غنية جداً ليس لديها شيء سوى المال، “فأعتقد أن بإمكانهم (السعوديين) دفع المال مقابل دفاعنا عنهم”.

وتابع: “هناك الكثير من الدول التي ندافع عنها، وليس من العدل أن يدفعوا ثمناً قليلاً، لكنهم سيدفعون، فهم يشترون كمية كبيرة من المعدات مقابل 450 مليار دولار من بلادنا”.

وأضاف: “نحن ندافع عن الكثير من الدول الغنية، وهم لا يحترموننا، بصراحة حينما أطلب منهم ذلك يدهشون ويقولون إنه لم يسبق أن طلب أحد منهم ذلك، لا يقولون ذلك بالمعنى الحرفي، فهم أذكياء لكن يمكنك أن تشعر بذلك من نظرتهم”.

وكلما ضاقت على ترمب، تذّكر السعودية وملكها الذي يتعاطى معه كلعبة مسلية ومصدر لكسب المليارات أسرع من تحصيل الضرائب، أو من مستأجر في نيويورك، مكرساً الصورة النمطية الشهيرة عنها كـ”بقرة حلوب” غنية بالدسومة النفطية والمالية، وعلى الرغم مما يقدمه النظام السعودي للرئيس الأمريكي ترمب، وبالرغم مما يبذلون له من أموال طائلة ومع ذلك يستمر في اهانتهم والسخرية منهم أمام العالم أجمع، فلا تكاد تمر فترة زمنية إلا ويظهر ترامب أمام حشود من الأمريكيين ويقدم الاهانات تلو الاهانات والسخرية من الملك السعودي والجماهير تضحك وتصفق وتسخر!، حيث حول ترمب النظام السعودي الى مسخرة العالم وهم يدسون رؤوسهم في التراب كالنعام ولا يحركون ساكناً.

 

لماذا ظهرت السعودية بكل هذا الضعف والهوان أمام خطاب ترامب؟

لقد جاءت مطالبة ترامب للملك سلمان بدفع المزيد من الأموال بعد مسرحية قرار ايقاف الدعم الأمريكي في العدوان على اليمن، ففي اطار تنفيذ مشروع “حلب البقرة الحلوب”، وفي سياق تبادل الأدوار بين صناع القرار الأمريكي، حيث اصدر الكونجرس الأمريكي قراراً بوقف مشاركة أمريكا في العدوان على اليمن اعقب ذلكاستخدام ترامب الفيتو ضد قرارهم، كأحد الأساليب الابتزازية في إطار تنفيذ مشروع “حلب البقرة الحلوب”، حيث أن العملية التي تمت بين الكونجرس وترامب هي أشبه بالمسرحية من أجل حلب البقرة الحلوب وسلب الأموال السعودية، وهذه السياسة باتت مكشوفة للجميع إلا أن الأغبياء في النظام السعودي مازالوا يسبحون بحمد ترامب دون أن يدركوا جيداً أن أمريكا تشكل خطر كبير عليهم. 

ويبقى لتساؤل هنا: لماذا ظهرت السعودية بكل هذا الضعف والهوان أمام خطاب ترامب؟

تتوالى الإهاناتٌ الترامبية للسعودية وملكها علنًا وفي وضح النهار إذلالاً واحتقاراً، دون أن يصدر منهم أي موقف دفاعي بالتنديد والاستنكار، وإنما استكانةٌ مطلقةٌ كشفت عن حقيقتهم بأنهم عبارة عن مملكة كرتونية منزوعة المشاعر الآدمية.

إن ظهور الملك السعودي سلمان بكل ذلك الذل والضعف والهوان أمام اهانات الرئيس الأمريكي ترامب المتكررة يفسرها ذلك المثل الشائع “ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب”، فالوقائع تشهد أن اهانات ترامب المستمرة للملك السعودي هي كـ”الزبيب” بالنسبة للملك سلمان، الذي لا يستطيع التخلي عن علاقته بترامب الذي يتعّمد من خلال إهاناته المتكررة للسعودية وملكها التأكيد بأن السعودية لا تساوي شيئاً من دون أمريكا، وأنها ستكون عاجزة عن حماية نفسها بدون دعم أمريكا.

مقالات ذات صلة