الوحدة : حلم يتبدّد أم يتجدّد ؟

عمران نت/ 24 مايو 2018م
بقلم / أشواق مهدي دومان
في الذكرى الثّامنة و العشرين لقيام الوحدة اليمنيّة التي ظلّت هيكلا دونما أحشاء، في هذه الفترة كلّها،و لنا أن نمر بمسببات بقاء الوحدة هيكلا خاويا من معنى الوحدة تنفيذا لأجندات أمريكيّة بريطانيّّة ظلّت تحلم باستعمار الجنوب حين أغلق الجنوبيون الأحرار الباب في وجهها و أخرجوا بريطانيا منها ،فلم تأل بربطانيا ومثيلاتها من العمل الدؤوب لاسترداد ما استعمرته وهي أرض الجنوب التي ستدرّ ذهبا ،و يكفيها الموقع الملاحي الاستراتيجي التجاري ليجعلها من أغنى المناطق.
اضطر المحتلّ البريطاني للخروج صوريّا أو عسكريّا بينما بقيت جذور منه وخلايا هادئة تعمل على خلق زعزعات ،و فتن وقلاقل ،ودماء يمانيّة، تسيل دونما معرفة تامّة من وراء ذلك ؟
و استغفال تام لأهمية إذابة النعرات والتخلّص من التبعيّة لبريطانيا .
لنستعرض المشهد في شمال اليمن الذي كان حلم الشّهيد الحمدي فيه وحدة شمال اليمن وجنوبه ،و قد ظل حلمه يراوده كيماني يؤمن بأنّ اليمن أرضا و دينا و لغة وتاريخا وجغرافية واحدة؛ لكن باغتيال الحمدي تم اغتيال وطن كامل .
كـيـف ؟
استخدمت الدّول الاستعماريّة أذرعها لتحكم اليمن فرشّحت عائلة (الأحمر )حكاما ملكييّن بعباءة جمهوريّة،تشبه ترشيح المستعمرين ( أمريكا وبريطانيا ) لبني سعود وبني زايد في الحجاز و الخليج أو الإمارات ليتضح للعربي المسلم أنّ من يحكمه هو نفسه و من بلده ،في حين كان الحاكم الحقيقي لهم هي أمريكا و بريطانيا اللتان تقاسمتا كعكة الجزيرة العربية منذ تولي تلك الأسر الحاكمة للحجاز ،والخليج ،و اليمن بعد الشهيد الحمدي حين اختيرت أسرة بيت الأحمر بمسميين( يظهران الاختلاف، ويبطنان التوافق ،مستظلين تحت اسم : حزب الموتمر وحزب الإصلاح الإخوانجي) .
أقيمت الوحدة كتفريغ لحلم الأحرار من أبناء الشمّال و الجنوب ،بمعنى وحدة تعمل بعكس التيّار حين يقصد منها فقط تفريغ قيمة الوحدة الحقيقية، ووأدها صبيّة لم تنضج بعد :
قامت الوحدة وتنازل( علي سالم البيض ) لبيت الأحمر ليكون نائبا و( عفاّش) ( عن الأحمريين ) رئيسا دخل الجنوب باسم صانع للوحدة مهمِّّشا الكفّ الجنوبيّة التي امتدت له لمشاركته قيام وصناعة الوحدة ،وبغضّ النّظر عن كون البيض وطنيّا ( آنذاك ) فقد تعامل (عفاّش ) مع الجنوب كمحتل وهب، وأهدى ،و بسط على أجمل تلال ومناطق عدن و حضرموت لصالح أسرته (بشقّيها ) و زمرته ،و همّش الضبّاط الجنوبيين بهدوء في حين اهتم ببعض عدن كبناء و ترميم و تجميل ؛ فشعر الجنوبيّ ( البيض ) بالظلم فقال بالإنصاف ،بعد أربع سنوات من قيام الوحدة التي كانت في : 22/5/1990..
فرفض الشّمالي( الأحمر _ عفّاش ) ذلك فاشتدت لهجة التحدي وكانت المخاطرة بالوحدة( التي في الأصل لم تحمل من الوحدة سوى الصّوريّة والدّيكوريّة ) باستفزاز الشّمال للجنوب،وجرّه للانفصال كمخرج وخيار اضطراريّ ينتصر فيه الجنوبيّ للجنوب الذي فتح له ملف مظلومية رفض الشّمال( حينها ) الإنصات لها ؛فكانت حرب الانفصال بتحريض وفتاوى الإخوان المتمثلين في حزب الإصلاح الذين يقودهم أيضا من عائلة الأحمر؛ فأصدرت فتاوى بتكفير ( البيض )ومن معه لمخالفته الوحدة أو إعلانه الانفصال المباشر ،ووجوب حربه ككافر ( كما يبررون للعدوان على اليمن اليوم ) .
و في هذه البيئة التي تهيّأت في الأصل لتمزيق القلب اليمني بشماله وجنوبه برعاية الاستكبار العالمي ،كانت حرب الانفصال التي كان من الطبيعي أن ينتصر صاحب المُلك واليد الأقوى ،رحل البيض وبقيت تفريخات منها الصادقة في توجهها للانتصار للملف الجنوبي الذي أصبح قضية و منها العميلة التي ركبت الموجة فكانت حراكات جنوبية تفتيتيّة لما هو مفتت في الأصل من ذي قبل ؛ وكما قال المثل. الشعبي : ” سيدي مليح من قبل ،زد الحلا كمّله! ” .
انهارت الوحدة في القلوب ، و استفرغت الطاّقات و الهامات الوحدويّة باغتيال وغيره،و بمبررات ليتم تلميع الاستعمار لشخصيات موبوأة عميلة تخدمهم في الخفاء وتعمل بسريّة تامة لإضعاف من بقي وما بقي حرا ليتم تصفيته باسم حراك فلان ، وحراك علّان، وحراك زعطان، وحراك فلتان ،و…الخ من الحراكات التي ما عاد ظاهر للمتابع أيّا منها الوطني و أيّا منها العميل في سياسة في الظاهر أنها تحاور الطرف الآخر ،وهي تستمرئ و تنفذ تفتيت وتمزيق اليمن، فاخترعوا الأقلمة كمخرج وهمي اتضحت ملامح التمزيق فيه لكلّ حرّ ،و من الأحرار كان مكون أنصار الله الذين حوربوا على فكرهم النقي الرافض للوجود الاستعماري فقد كشفوا عن زيف الحكام بشعار الصرخة الذي هاجم المحتل الأمريكي فسقط القناع عن دولة الشّمال الأحمريّة التي ثأرت لأمريكا في ستة حروب لإخماد صوت الحقّ الكاشف للخطط التّمزيقية لليمن التي من ورائها تسليم اليمن لأذرع ومستعمرات بريطانيا التي تمثلها الإمارات في حين يحمل زمام أمريكا السعودية التي نفذت تحالفا ضد مَن كشف الهدف الاستعماري الأمريكي لشمال اليمن فالشّمال كان من المفترض أن يكون نصيب أمريكا ..
كان السفير السعودي هو الحاكم الفعلي لليمن في عهد (عفاش ) بينما انتقل الحكم المباشر للسفير الأمريكي في حكومة ( الدّنبوع ) ،
وكلا الفريقين في الشّمال عملة واحدة لوجهين( ماقبل 2011 وما بعد 2011) كان عدوهما واحد و هو من قال الموت لأمريكا ؛فثارت حفيظتهما على اليد التي تسبغ نعمها عليهما وهما مكونا عمالة و ارتزاق دفعوا الجزية من دم الشعب اليمني في حربي الانفصال وصعدة ومن جيب الشعب اليمني الذي لم ير خيرا من نفط وغاز وذهب وثروة سمكية و…الخ .
بنى الأحمريون قصورهم في الخارج والداخل ،و أوهموا الشعب أنّهم يتفضّلون عليه بالأمن مقابل سلخ جلده وعدم استفادته من أي ثروة له خاصة إن عارضهم وفهم مغزاهم، ومثل من عرفهم كان مصيره القتل، و الاغتيال، و الإخفاء القسري، والتعذيب في السجون، والتهميش من الوظائف و…الخ ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو منافق.
ماسبق كان مقدمة لما يحصل اليوم فأرض يتآمر عليها العملاء فيبررون لعدوان عالمي على اليمن بعد أن عجزوا عن إسكات الصوت الحر المنادي لاستقلال اليمن عن أذرع أمريكا في الشّمال، وبريطانيا في الجنوب ..
عجزوا عن إخماد صوت الأنصار وروح الأنصار التي كشفت و أسقطت أقنعة المرتزقة والعملاء واحدا تلو الآخر في حين لازال حلم العملاء يحدّثهم بالحكم الموعود .
نعم : ظن المرتزقة أنّ أمريكا و بريطانيا ستحنّ عليهم وستمكنهم من الحكم في حين أنّها تضربهم اليوم ببعض لتتخلص منهم فيخلو لها الجو للحكم بعد أن تتخلص من أذرعها الإماراتيين والسعوديين بنفس الفكرة التي تتخلص منها من عملاء الحراكيين وعملاء الأحمريين .
 
خطورة الوضع يفوق التّصور لكن الله فوقهم قد رمى بأيدي الأنصار عدوانهم ،و أهدافهم فاسقطها في هزيمتهم في الشّمال.
والواجب الالتفاف حول من يقاوم الغزو والوقوف معه لدحر وكسر أذرعه في الجنوب كما كسرت في الشمال بمواجهة رجال الله بقيادة الأنصار ؛ فمامن خلاص سوى المواجهة الحقيقية للمحتل البريطأمريكي ، و لمّ الصّفّ ،و جمع الشّتات، و نزع الأحقاد ؛فالمستعمر لن يرحم من لا يرحم نفسه، و لن يقدّر من لم يقدّر ذاته .
 
 

مقالات ذات صلة