ترامب و فن التّحنيط

عمران نت/ 18 مايو 2018م

بقلم / أشواق مهدي دومان

من وجهة نظري أنّ تحنيط الجثث الهامدة لغيرما سبب هو مكابرة،و قد يوجد من استخدم التّحنيط لمآرب كُثُر لكنّ الفراعنة هم من لاحقتهم الشّهرة بالتّحنيط ،حين كان منهم من قال : ” أنا ربّكم الأعلى “.
فرعونهم الأشهر وهو فرعون زمن سيّدنا موسى ( عليه السّلام ) ؛ فرعون اغترّ و بنى بيئة منبطحة له من شعب وجمهور يؤلّه ظلمه وغطرسته ،وقال إنّه ربّهم الأعلى فصدّقوه بعد أن صدّق نفسه ؛ و نتيجة تصديقه لنفسه الكافرة بالله أمر وزيره بأن يبني له صرحا ؛ كلّ ذلك اعتراف منه بأنّه الأعجز، و الأضعف ،و الأحقر ففي جملة: ” فأطّلع إلى إله موسى ” حقيقة تصارع داخلي في عمقه يقول له : أنت لستَ ربّهم الأعلى فأنت كائن ،و مخلوق مثلهم ،و تعيش بينهم في الأرض ، يبدو لك شيئ و تغيب عنك أشياء .
وفعلا : فقولته: لعلّ التي تفيد التّرجي الموحية هنا بالمحاولة ،والمحاولة فقط باحتمال عدم التّحقيق ،هي جملة فطرته البشريّة الصحيحة التي تؤمن بوجود إله واحد، ومعبود واحد لا شريك له وهو المستحقّ للعبادة ؛ و رغم إيمانه الفطري ّ إلا أنّ غطرسة ، و شهوة الملك ،و وهم الخلود ،مع مرض الغرور، و الشعور بالنّقص جعلته يتمادى في جحوده لخالقه ، وقد عرف أنّ الله حي ّلا يموت ؛ فقد أراد الخلود، لكنّه العاجز عن استدامة روحه، وإبقائها حيّة ؛ فكابر وكان تحنيطه رمز للكبرياء المتغطرس ،و جسد من دون روح ، أصبح مجرّد لفظ كلمة فرعون أو فراعنة رمزا للتّحنيط و المحنّطين فكرا وفهما ومعرفة،و لا ضير في مرور الزّمن على فراعنة غير ظالمين، ولكن ّالفرعنة مدلول أصبح ملتصقا بالكفر بالله و إعلان تحديّه ( سبحانه وتعالى ) .
و تلك الفرعنة التي وجدت في فرعون موسى نراها اليوم بالنّقص البشري المصاحب للكبر ،و الغرور، و الغطرسة في أمريكا و إسرائيل ..
ففي عمق شعورها تظلّ تلك العقد تلاحقها فتحاول أن تعوّضها بتوسيع رقعة ملكيتها تجبرا ،ومحاربة، ومواجهة ،و تحديا للخالق في إبادة خلقه ،و إهلاك الحرث و النّسل ؛ ولكن هل ستسطيع أمريكا بناء دولة إسرائيل الكبرى و قد انهارت في ما حول القدس وفلسطين .
انهارت كحلم وحقيقة في الشّام والعراق و اليمن ؟ !
أمّا نسل فراعنة مصر الحقيقيين و الممتدة شجرتهم في حكامها اليوم فلا زالوا يجدون في المكابرة سبيلا لاحتلاب بقرة ترامب ( حكّام الحجاز و الخليج ) غير منتبهين أن ّراعي البقرة ( ترامب ) يراقبهم ،و يسمح لهم بذلك لمجرد استخدامهم ، و توظيف فرعنتهم ،و حين إكمال وظيفتهم سينقلب عليهم وسيأتي الدّور على مصر و غيرها من الموالين لإسرائيل..
سيأتي فترامب فرعون العصر المحنّط الأكبر قد حنّط ثعابينه و جعل منهم ( و هم عملاؤه) مادة بنائه، وعمّاله الذين سيتكئ عليهم لبناء هيكله الموعود به شعب الله المختار ؛ ولكنّ الحقيقة التي ماعرفها أنّ التّحنيط قد عفا عليه الزّمن ،فهو رأس الأفعى التي التهمتها عصا موسى في اليمن والشاّم و العراق ،التهمتها في كلّ فكر يحمل مقاومة لإسرائيل ؛ فثقافة المقاومة ،و جهاد المقاومين قد فتّت المحنّطين جميعهم من الرأس إلى أخمص القدمين ، و جعل من فتاتهم رمادا تذروه الرّياح ،و لهذا ستظلّ:

# القدس ـ عربيّة _ إسلاميّة.

 

 

مقالات ذات صلة