هل حقاً أصبحت القدرات العسكرية اليمنية تهدد العمق السعودي ؟!

عمران نت/ 9 نوفمبر 2017م

الوقت التحليلي

ما من دولة على وجه الأرض ترغب أن تُدخل بلادها أتون الحرب، لما يترتب على هذا الأمر من نتائج سلبية تحصد أعدادا هائلة من الأرواح فضلا عن التدمير الكبير الذي سيلحق بالبنى التحتية للدولة، ولكن في بعض الأحيان تكون الحرب هي الحل الوحيد للحفاظ على الأرض والكرامة والوجود وسط بيئة معادية.

وكما هو الحال بالنسبة لأي قضية في هذه الحياة، هناك وجه إيجابي وسلبي لأي حدث، ومن إيجابيات الحرب أنها تصنع الإنتصارات وتزيد من ثقة الشعوب في نفسها، كما أنها تفرض هيبة الدولة على الدول الأخرى، وتساعد في تطوير منظومات الأسلحة نظرا للحاجة الماسة للدفاع عن النفس، وهذا ما حدث خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، واليمن ليس بمنأى عن هذا المنطق على الإطلاق بل على العكس جسد هذا الأمر بطريقة كانت مدهشة للصديق قبل العدو.

قرابة الثلاث سنوات والحرب دائرة على أرض اليمن بقيادة السعودية التي ورطت معها 10 دول أخرى دون تحقيق أي هدف يرجى من هذه الحرب سوى سلسلة من الإنعكاسات السلبية وضعف بالإقتصاد على السعودية والدول التي حالفتها العدوان.

أما الشعب اليمني المقاوم فقد سطر أروع ملاحم البطولة خلال سنوات العدوان على بلاده، وطور قدراته العسكرية الدفاعية منها والهجومية، وتمكنت الأدمغة اليمنية من تطوير منظومات صاروخية تمكنت من قلب موازين القوى في الصراع مع العدوان السعودي، الذي أصبح على يقين تام بأن الحرب على اليمن ليست بـ”النزهة”.

الأسلحة التي بحوزة اليمنيين جزء منها من أيام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقسم آخر تم تطويره عن أسلحة روسية وكورية وبالنهاية تمكن اليمنيون من تصنيع المنظومات الصاروخية التالية خلال سنوات الحرب:

منظومة صواريخ من طراز “الصرخة”، منظومة صواريخ “النجم الثاقب” 1-2، منظومة صواريخ زلزال 1 وزلزال 2 وزلزال 3، منظومة صواريخ  قاهر إم، منظومة صواريخ  قاهر1، منظومة صواريخ صمود، منظومة صواريخ “بركان 1″، منظومة صواريخ بركان 2، وآخر منظومة كشف عنها اليمنيون هي “منظومة صواريخ المندب”، تعد هذه المنظومة من أبرز الانجازات التي استطاعت الخبرات المحلية اليمنية صناعتها، حيث تمتاز بدقتها العالية في إصابة الهدف ومزودة بتقنية لن تستطيع سفن العدو العسكرية من فك شفراتها”. ويتم الآن العمل على تطوير منظومات الدفاع الجوي التي سيكون لها أثر كبير في صيانة الأجواء اليمنية.

هذه المنظومات البرية والبحرية والجوية تمكنت من ردع العدوان وتكبيده خسائر كبيرة بالأرواح والأموال، حتى أنها لم تقتصر على القيام بعمل دفاعي بل هاجمت العدو وهددت مدنه كما شاهدنا يوم السبت الفائت عندما وصل صاروخ بركان 2 إلى مطار الملك خالد في الرياض، وهو حدث له دلالات كبيرة على المستوى السياسي والعسكري، وهو إعلان انتصار ضمني لليمنيين وعجز سعودي واضح عن شل حركة “أنصار الله” رغم كل القصف اليومي وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية وممارسة أبشع أنواع العدوان على الشعب اليمني.

فشل الخيار العسكري

أثبتت قوات “أنصار الله” أنه لا سقف للتصعيد وأنها مستعدة للذهاب في المعركة إلى أبعد مدى ممكن وأنها قادرة على توجيه ضربات موجعة للعدوان وفعلت ذلك، هذه الروح الاستثنائية التي يمتلكها قوات “أنصار الله” وقدرتهم الكبيرة على التصدي والتحدي، أشعرت العدوان السعودي بالعجز والحيرة ووضعته في مستنقع لايمكنه الخروج منه حتى بمعجزة، وأصبح السعوديون على يقين تام بأن الخيار العسكري أثبت فشله في الحسم وأنهم لايستطيعون إحكام السيطرة على مكان مهما صغرت مساحته.

وحتى هذه اللحظة لم تستطع السعودية تحقيق أي هدف من الأهداف التي على أساسها دخلت الحرب وقررت بدء العدوان على الشعب اليمني، بل ماحدث أن الحرب امتدت إلى الداخل السعودي على عكس ما كان يخطط السعودي، حيث تمكنت قوات أنصار الله من التوغل إلى الداخل السعودي من خلال المدن الحدودية، أوقعت عشرات القتلى في الجانب السعودي، ولكن بسبب عدم الإفصاح عن الأرقام الرسمية للقتلى فإنه يصعب تقدير حجم الخسائر البشرية في الجانب السعودي.

استنزاف الاقتصاد السعودي

لا يعلم السعوديون كيف السبيل للخروج من مستنقع اليمن، فقد كلفتهم الحرب مبالغ طائلة واستنزفت أموالهم، فضلا عن كونها مجبرة بتقديم معونات عسكرية واقتصادية للدول المتحالفة معها في الحرب بهدف استمرارهم في دعم السعودية إقليميا، هذا الأمر دفع بالسعودية لاتخاذ إجراءات تقشفية في مواجهة زيادة الإنفاق وانخفاض أسعار البترول التي تمثل الدخل الرئيسي والأكبر للمملكة، ولأول مرة منذ عقود طويلة نسمع عن طلب المملكة الاستدانة من البنك الدولي.

في الختام؛ السعودية دخلت حربا خاسرة مع شعب اعتاد الصمود والتحدي وتقديم الشهداء قرابين للدفاع عن أرضه وكرامته، وهو اليوم يتحدى ويحقق انتصارات على دولة صرفت مليارات الدولارات على صفقات الأسلحة التي لم تجد نفعا في اليمن، ونحن نعتقد أنه آن الآوان لكي تعلم السعودية بأن الحل العسكري لن يحقق أي هدف ولابد من الاتجاه إلى حل سياسي ستكون فيه السعودية مرغمة على التحاور مع انصار الله وإشراكه في العملية السياسية.

مقالات ذات صلة