كيف نحوّل التحدياتِ إلى فرص؟!!

عمران -نت 15اغسطس|2017م
في ظل ما نعانيه من عدوان وحصار وسياسة ممنهجة لتدمير الإنْسَان فكريًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا؛ ليسهل عندها تنفيذ المشروع الاستعماري وتدمير الأوطان ونهب الثروات بدون عناء؛ لذلك تجب معرفة ما تقتضيه المرحلة، وما دور كُلّ فرد في المجتمع ولهذا وجب تسليط الضوء في هذا الاستطلاع على الأَهَميَّة البالغة للعامل البشري في تكوين أوطان قوية مكتفية ذاتياً، مواكبة للتطوّرات في كافه المجالات الثقافية وَالاقتصادية كي تكون بحجم المرحلة والمواجهة مع العدو.

ونحن الآن في اليمن أحوج ما نكون لبناء الإنْسَان اليمني بناءً صحيحاً وعلى أسس قوية واضحة الرؤى.

فكما هو المقاتل اليمني أسطورة في الثبات وَالشجاعة والصمود ونراهم يصنعون الصواريخ ويبتكرون ويتحدون قلة الإمْكَانيات بإصرار على النجاح يجب أن يتحَـرّك كُلّ فرد بحجم ذلك العنفوان والثقة بالله والنشاط الذي نراه في الجبهات العسكرية.

فالمرحلة الآن تتطلب من كُلّ فرد التحَـرّك بما أتيح له وبمهاراته وميوله، لكن وفق تخطيط وتوجيه مدروس.. ومن هنا تأتي ضرورة التنمية البشرية وتفعيلها في اليمن.

 

التنمية البشرية

هي عمليةُ توسيع القدرات التعليمية والخبرات المكتسبة للشعوب، والمستهدَف بهذا هو أن يصلَ الإنْسَان بمجهوده ومجهود ذويه إلى مستوى مرتفع في الدخل والانتاج.

وتتوسع التنمية للفرد بإخراج طاقاته الكامنة وتوجيهه إلى بداية طريق النجاح وعمارة الأرض؛ لأنها وظيفته الأَسَاسية التي كلف بها من الله.

 

 دورُ الحكومات في التنمية البشرية

كما هو ملاحَظٌ أن الأغلبية من المواطنين تغلب عليهم عدم الشعور بأَهَميَّة الإبداع والارتقاء في مجالات عملهم وعدم شعورهم بالانتماء الذي يدفعهم للإنتاج والتطوير للذات وتجاوز كُلّ التحديات.

وهذا يرجع لسياسَة التهميش والاقصاء وتغييب التوعية والتنمية لأفراد المجتمع من قبل الحكومات وعدم تنمية المهارات والكفاءات لخدمة الوطن ومن يعيشون فيه؛ لذلك ضاعت الآلاف من العقول المبدعة وسط هذه السطحية واللا مبالاة من قبل الحكومات.

 

 دورُ المنظمات الإنْسَانية في التنمية

أجمع أكاديميون ومختصون يمنيون أن منظمات المجتمع المدني لا تقوم بالدور المطلوب منها في التخفيف من مما يعانيه المواطن جراء الحصار والعدوان، ويذهب الكثير منهم إلى اتهام معظم المنظمات باستغلال صفتها؛ لتحقيق مكاسبَ شخصية مع أنها مُؤَسّسات لا تهدف إلى الربح وعملها الأَسَاسي هو المساهمة في التنمية وتعزيز جهود الحكومة.

وهذا فعلاً ما نلمسه واقعاً في اليمن، فلم نلمس أي دور بارز أَوْ مؤثر للمنظمات الإنْسَانية في رفع المعاناة عن كاهل هذا الشعب بالقيام بدورها المناط بها في التنمية وإيجاد فرص للعمل للشباب العاطلين وتوجيه القدرات والطاقات الكامنة بداخل الشباب وكل أفراد المجتمع.

إن كُلّ ما تفعله هذه المنظمات هو تقديم بعض الهبات والمعونات الغذائية التي لا تكفي لسد رمق تلك الأسر لأَكْثَر من أسبوع،

وترافق هذه المعونات الكثير من الشكليات المحرجة للمتضررين والنازحين مثل تصويرهم عند استلام تلك المعونات أَوْ أن يطلب منهم أن يمدحوا ويثنوا على عملها، وتقديمها لهم المعونات البسيطة جِدًّا.

لو أن تلك المنظمات قامت بعملها كما ينبغي وتحَـرّكت في إطَار التنمية الفعلية وفق رؤىً مدروسة ومنظمة للمسنا أثراً كبيراً في واقعنا، لو أنها بدلاً عن تلك المعونات البسيطة المغمسة بالإذلال لذلك المواطن تقوم بدعم مشاريع صغيرة لتلك الاسر بما يكفل لها دخلاً دائماً (لأن تعلمني الصيد خيرٌ من أن تعطيني سمكة كُلّ يوم).

كما وجه السيد عبدالملك الحوثي وشدد بإصلاح وتوجيه العمل الإغاثي الإنْسَاني، بما يضمن وصول المساعدات للمتضررين والنازحين ودعم المشاريع الصغيرة للأسرة، للعودة بأَبْنَاء هذا الوطن إلى حالة الانتاج وليس الجلوس تحت حالة الاستجداء.

وهذا ما كنا نأمل من تلك المنظمات التي أرجح أن سببَ تقاعسها عن القيام بواجبها الذي لا يرتقي مع المرحلة والوضع الذي نعيشه أن أغلبها يتبع أحزاباً معينة، مما جعل الحزبية تغلب على المسؤولية واستشعارها.

مع كُلّ هذا لا تسري هذه الوضعية والحالة على جميع المُؤَسّسات، فما زال هناك بصيص من نور ينفذ إلينا من بعض المُؤَسّسات التي ترفع لها القبعات تقديراً لما تقوم به من جهود جبارة في مجال التنمية وتوفير الفرص وقد برزت على الساحة منها مُؤَسّسة بنيان للتنمية التي تركت بصمة واضحة في المجتمع، من حُسن التوجيه والقيام بعملها على أتم ما ينبغي وباستشعار كبير للمرحلة الخطيرة التي تمر بها البلد.

مُؤَسّسة بنيان غرست في قلوب الكثير الثقة بأن الحياة مستمرة ما دام هناك تحَـرّك وإصرار وتحدٍّ، كما نقلت المجتمع من حالة الركود واليأس إلى حالة العمل والإبداع والابتكار، وأذكر لكم بعضاً مما قرأته عن مشاريع مُؤَسّسة بنيان الذي جعلني أشعر يقيناً أنه لا وجود للمستحيل مع الثقة بالله والتحَـرّك بعزيمة وإرَادَة، وهو مشروع وادي مور.

 

وادي مور

هو أَكْبَر وديان تهامة على الإطلاق يبعُدُ عن محافظة الحديدة 100 كليومتر، وتقدر مساحه حوضه بـ7500ك وطوله 300 متر، ويتحلى هذا الوادي بمساحته الزراعية الخصبه ليمتهن أهالي مدينة مور العمل في الزراعة.

 

عملية انقاذ الوادي من كارثة محققة

بعد أن تدفقت السيول في العام 2016 إلى الوادي بكثافة فاضت لتجرف مساكن المواطنين ومحاصيلهم الزراعية؛ بسبب انسداد عبارات تصريف المياه.

ونظراً لتقاعُس الجهات المختصة أَصْبَحت السيول تحاصر المواطنين وانعدمت إمْكَانية العيش وسط هذه المعاناة، عدوان وحصار وإهمال من الحكومة للمواطنين تسبب في نزوح أَبْنَاء المنطقة، سكون موحش يلف المكان ووادٍ خصيبٌ بمساحة شاسعة لا نستطيع استغلاله ونحرم من خيراته؛ بسبب اليأس والرضا بالحال كيفما كان دون التحَـرّك لتغييره.

أَصْبَح هذا الوادي وأهالي مدينه مور أَمَام تحدٍّ كبير حوّلته مُؤَسّسة بنيان إلى فرصة كبيرة للعودة للحياة من جديد وهزم المستحيل بعد توجيه القدرات وإخراج الطاقات وتوزيع المهام بدأوا في التحَـرّك لإصلاح الوضع لأنهم عرفوا أنه لن يساعدهم أحد إن لم يبدأوا هم بمساعده أنفسهم.. فوطن لا نساعد في بنائه ورفعه لا نستحق العيش فيه بكرامة.

تعاونوا كلٌّ بما تجود به يده، وولدت الأفكار الخضراء تروضها السواعد الفتية وكتب لهم النجاح وخرجوا من بوتقة الركون والركود إلى ساحات العمل والانتاج والنجاح وبعون من الله حوّلوا التحدي إلى نجاح.

وولد مشروع زراعي واعدٌ بالخير يُغنينا عن هبات واستجداء الخارج.

وتهاوت المستحيلات أَمَام إرَادَة وإيْمَان أَبْنَاء يمن الحكمة والإيْمَان.

هذه بعض الأعمال التي تقوم به هذه المُؤَسّسة من تحَـرّك جاد ومشاريع تترك الأثر على ارض الواقع..

كاستهداف أصحاب المهن والحرف وشريحة الصيادين؛ باعتبارهم الشريحة الأَسَاسية في مدينه الحديدة وتوجيههم نحو عمل تنموي بارز وفاعل وتبني 118 ألف سلة غذائية كمرحلة أولى وأيضاً تنمية المهارات وتشجيع المواهب ودعمها.

وهذا ما نفتقده في ظل حصار وعدوان غاشم يسعى إلى كسرنا ومحونا، نريدُ أن ننهض من بين الركام؛ لنواجه التحديات ونصنع منها فرصاً للعيش الكريم، فرصاً لأخذ مكاننا بين الأمم، فهذا الشعب يستحقٌّ كُلّ خير ورخاء؛ لأنه من أحكم وأعرق الشعوب، ويخوض معركة التحرر بديلاً عن باقي الشعوب.

نسألُ اللهَ تعالى أن يوفِّقَ مَن يسعون لبناء هذا الوطن ولرفع معاناته بإخلاص واهتمام كمُؤَسّسة بنيان التنموية مع أمل أن تحذو بقية المُؤَسّسات حذوهم، فالكل مسؤولٌ أَمَام الله.

أمل المطهر

 

مقالات ذات صلة