كيف تقوم أمريكا وبريطانيا بتسليح 70 في المائة من طغاة العالم ؟

عمران نت/ 19 أكتوبر 2017م

لطالما تشدقت كل من واشنطن ولندن بأهمية نشر الديمقراطية حول العالم. لكن، في الوقت نفسه، تساهم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة في تسليح ثلاثة أرباع البلدان الاستبدادية التي تحكمها أنظمة سلطوية مستبدة. فخلال السنة الماضي، وفقا لتقارير دولية عن صادرات الأسلحة، باعت واشنطن ولندن بضائع عسكرية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، حيث تعد كلاها العملاء الأهم. وحتى عمليات تسليم الأسلحة إلى حلف شمال الأطلسي، لا يمكن مقارنتها بالمبيعات هذه الدول لبعض البلدان التي تعتبر “استبدادية”. في إطار نشر قيم الديمقراطية، تعتبر منظمة “فريدوم هاوس”، على سبيل المثال، منظمة غير حكومية أمريكية تهدف إلى نشر الحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم. والمثير للاهتمام أن 85 بالمائة من مصادر تمويل هذه المنظمة هي عبارة عن منح من الحكومة الأمريكية. وبناء على هذا المعطى، يمكن اعتبار التصنيفات التي تصدرها المنظمة انعكاسا لمواقف رسمية من واشنطن. خلال سنة 2016، أدرجت منظمة “فريدوم هاوس” 49 دولة في قائمة الأنظمة الأكثر استبدادية في العالم، وتشمل هذه القائمة سوريا وكوريا الشمالية وإيران، وروسيا، والصين وتايلاند، بالإضافة إلى بعض بلدان رابطة الدول المستقلة؛ على غرار، كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان وبيلاروسيا. كما تم إدراج بعض الممالك العربية ضمن هذه القائمة؛ عل رأسها قطر، والمملكة العربية السعودية، والبحرين والإمارات العربية المتحدة. خلال سنة 2016، اشترت المملكة العربية السعودية من الشركات البريطانية أسلحة بقيمة 679 مليون جنيه إسترليني، ومن الشركات الأمريكية أسلحة بقيمة 620 مليون دولار من وجهة نظر منطقية، تعد مسألة تسليح الأنظمة الدكتاتورية أمرا شبه مستحيل، بينما على أرض الواقع، فإن البلدين اللذين يعتبران أنفسهما حصنا للديمقراطية الغربية، تختلف عندهما الأولويات عندما يتعلق الأمر بكسب مليارات الدولارات. واستنادا إلى تقارير دولية عن صادرات الأسلحة، لا تزود الولايات المتحدة وبريطانيا كوريا الشمالية والنظام السوري وإيران بالأسلحة، كما ينطبق الأمر نفسه على 34 بلدا من أصل 49 صنفت بالدول الاستبدادية. في المقابل، يوجد سبعة بلدان من أصل 11 دولة على رأس قائمة الدول الاستبدادية، التي تشتري الأسلحة بحرية وبصفة قانونية من شركات أمريكية وبريطانية، من بينها أوزبكستان، وجنوب السودان، وتركمانستان، والصومال، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والمملكة العربية السعودية. ورغم التعامل مع هذه الأنظمة، لم يتم تزويد سوريا وإريتريا وكوريا الشمالية والسودان، التي تترأس قائمة البلدان الأكثر استبدادية، بالأسلحة الأمريكية والبريطانية.   سبعة من أصل 11 دولة الأكثر ديكتاتورية وفقا لقائمة “فريدوم هاوس” يحصلون على الأسلحة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الواقع، إن أكبر عملاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الأنظمة الملكية الاستبدادية هم أساسا من دول الخليج العربي، فضلا عن أن هذه الممالك تعد من أكبر مستهلكي المنتجات العسكرية الأمريكية والبريطانية. فخلال سنة 2016، اشترت المملكة العربية السعودية من الشركات البريطانية أسلحة بقيمة 679 مليون جنيه إسترليني، ومن الشركات الأمريكية أسلحة بقيمة 620 مليون دولار. تليها في هذه القائمة، دولة قطر التي دفعت للولايات المتحدة مليار دولار مقابل أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية، كما استوردت الإمارات أسلحة بقيمة 797 مليون دولار. والجدير بالذكر، أن عقود الأسلحة المبرمة بين الممالك العربية في الشرق الأوسط والأمريكيين والبريطانيين تشمل جميع أنواع الأسلحة والذخائر؛ من بنادق، وخراطيش ودروع وغيرها من العتاد العسكري.   اشترت قطر سنة 2016، أسلحة أمريكية بقيمة مليار دولار، مع العلم أن هذه الصورة مقتطفة من تقرير تصدير الأسلحة الأمريكية للمديرية العامة لمراقبة تجارة الأسلحة بوزارة الخارجية الأمريكية   قائمة الأسلحة التي اشترتها الرياض من المملكة المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الصورة مأخوذة من تقرير الرقابة على الصادرات الإستراتيجية للإدارة التجارية الدولية بناء على ما ذكر آنفا، من الواضح أنه لا توجد تقارير تؤكد إرسال إمدادات من الأسلحة للمعارضة السورية المعتدلة، نظرا لأنه يتم مدهم بها عن طريق السعودية وقطر والأردن. وبالتالي، يبدو جليا أن المشتريات المذكورة أعلاه مصممة خصيصا لتسليح القوات المسلحة في المملكة العربية السعودية وقطر. على ضوء هذه المعطيات، لا تعتبر عقود المملكة العربية السعودية وقطر كبيرة فقط، بل أعلى بكثير من المبيعات الأمريكية لقوات حلف شمال الأطلسي. كما أن قوات التحالف في العام الماضي لم تحظ إلا بما قيمته 153 مليون دولار من الأسلحة الأمريكية، بينما بلغت مشتريات اليابان 177 مليون دولار فقط. وبالتالي، يبدو جليا أن النصيب الأكبر تحظى به الممالك العربية “غير الديمقراطية” خاصة قطر والسعودية. وعلى هذا الأساس، فإن خسارة عميلين هامين مثل قطر والسعودية قد تمثل ضربة قوية للصناعة الدفاعية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. أما بالنسبة لبقية “الديكتاتوريات”، فقد اشترت خلال العام الماضي ما قيمته 600 مليون دولار من الأسلحة البريطانية والأمريكية، من بينها أفغانستان والجزائر ومصر والعراق وعمان وتايلاند والصين. كما تسلمت البحرين وبروناي وتشاد وأثيوبيا وطاجيكستان وتركمانستان وفيتنام مشترياتهم فاقت قيمتها مليون دولار. أرشفت المملكة المتحدة بنفسها على تسليم إمدادات الأسلحة لكل من جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان على الرغم من أن هذه الدول تخضع لحظر من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في شأن ذي صلة، اشترت الدول الاستبدادية المتبقية أسلحة بآلاف الدولارات، كانت عبارة عن أسلحة صغيرة وخراطيش، وسترات واقية من الرصاص، وأزياء رسمية، وإلكترونيات عسكرية، فضلا عن بعض المعدات العسكرية الأخرى. فعلى سبيل المثال، اشترت فنزويلا سنة 2016، من الشركات البريطانية للسفن البحرية والغواصات ما قيمته 76 ألف جنيه إسترليني، أما أوزبكستان فبلغت قيمة مشترياتها 60 ألف جنيه إسترليني، أما الصومال فكانت 681 ألف جميه إسترليني. خلافا للمتوقع، من الممكن أن تكون عمليات تصدير الأسلحة البريطانية أضخم بكثير من الأرقام المعلن عنها. وفي هذا الصدد، يشير تقرير مراقبة الصادرات الإستراتيجية لسنة 2016 إلى أن عددا من البلدان الديمقراطية تعيد تصدير الأسلحة البريطانية إلى بلدان دكتاتورية. في هذا الإطار، باعت كوريا الجنوبية وسنغافورة وإيطاليا وإسبانيا أسلحة بريطانية إلى تركمانستان وتشاد والصين ومصر والكونغو وغينيا الاستوائية وأنغولا، إلى جانب العديد من الأنظمة الدكتاتورية الأخرى. ولكن، تبقى هذه الأرقام غير معروفة. من ناحية أخرى، أرشفت المملكة المتحدة بنفسها على تسليم إمدادات الأسلحة لكل من جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان على الرغم من أن هذه الدول تخضع لحظر من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. في كل الحالات، يبدو أنه عندما يتعلق الأمر بعائدات تصل إلى مليارات الدولارات، يمكن أن تغض أشهر الديمقراطيات في العالم الطرف عن غياب الديمقراطية، بل من الممكن أن يصل بها الحد إلى القيام بتسليح هذه الأنظمة الاستبدادية. وبطبيعة الحال، يعتمد الأمر دائما على مصالح واشنطن ولندن. تصنف منظمة “فريدوم هاوس” سوريا وإيران وروسيا كدول استبدادية، على الرغم من أن هناك انتخابات ديمقراطية منظمة تجرى في هذه البلدان بصفة دورية، إلا أنهم يعتبرون أعداء الديمقراطية بما أنهم من منافسي واشنطن بين سنتي 2014 و2015، شهدت العلاقات بين باكو وواشنطن تدهورا، ما أدى إلى امتناع أذربيجان عن شراء الأسلحة الأمريكية على الرغم من أنها في سنة 2015، اشترت أسلحة بقيمة 2.6 مليون دولار. وفي السنة الماضية، اشترت باكو معدات عسكرية بقيمة 600 ألف جنيه إسترليني من المملكة المتحدة. أما فيما يتعلق بمسألة تسليح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للأنظمة “استبدادية” رغم مناداة البلدين بقيم الديمقراطية، فإنه من الممكن القول بأن ممارسات هاتين الدولتين تنطبق عليها العبارة الشهيرة للرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، الذي وصف الدكتاتور النيكاراغوي سوموزا، قائلا “إنه بطبيعة الحال ابن عاهرة، لكنه تابع لنا”. وفقا لما أكده الأستاذ في جامعة هارفارد ستيفن والت، فإن معظم محاولات الولايات المتحدة الهادفة إلى تعزيز قيم الديمقراطية في الخارج باءت بالفشل، لأن المشكلة الحقيقية لا تكمن في أن الولايات المتحدة الأمريكية فعلت كل شيء بشكل خاطئ فيما يتعلق بدعم قيم الديمقراطية خارج البلاد، وإنما في أنها لا تنوي فعليا دعم الديمقراطية. من هذا المنطلق، تصنف منظمة “فريدوم هاوس” سوريا وإيران وروسيا كدول استبدادية، على الرغم من أن هناك انتخابات ديمقراطية منظمة تجرى في هذه البلدان بصفة دورية، إلا أنهم يعتبرون أعداء الديمقراطية بما أنهم من منافسي واشنطن. في المقابل، لا ينطبق الأمر نفسه على “الأنظمة الاستبدادية” الأخرى التي تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا بتسليحها.  

نون بوست

 

مقالات ذات صلة