الإنتماء الواعي … ثبات وانتصار

عمران نت/ 23 سبتمبر 2017م
يتساءل البعض كثيرا عن مصدر القوة و قوة التماسك ودافع الثبات وثبات المواقف ، وعن سر الانتصارات العظيمة في كل الجبهات والمواجهات التي خاضها ويخوضها انصار الله منذ انطلاق مسيرتهم القرآنية ، المسيرة التي اطلقها الشهيد القائد السيدحسين بن بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه بعد تأمل طويل في حال الامة الاسلامية ، أوصله الى تشخيص دقيق وصحيح لمشاكلها الرئيسية الرئيسية بشقيها الوجداني والثقافي .
 
المشكلة الأولى : أزمة الثقة بالله المسيطرة على وجدان الامة الناتجة عن غياب المفاهيم الحقيقية لمعرفة الله ، والتي غيرت بل وصرفت النظر عن نعم الله الى اتجاه مخالف لما اراده الله من إسدائها والتذكير الدائم بها ، مما أدى الى خلل في الايمان المطلوب من القلوب بالله فأنتهى بها الحال بعيدة عن الله وحيدة في مواجهتها الازلية مع الشيطان والطغيان ، فهانت وذلت وخضعت للظالمين والمستكبرين واستعبدت من قبل الطواغيت والأهواء ، وتفرقت واختلفت وتقطعت أوصالها وتمزقت وتقزمت .
 
والمشكلة الثانية : الثقافات المغلوطة التي رسختها قرون من التضليل وعقود من التدجين في عقل ووعي أبناء الأمة الاسلامية بواسطة سلاطين الجور وعلماء السلاطين ، الذين صبغوا التراث بالقدسية وحرموا كل محاولات التأمل فيه ونقده ومراجعته ، وكفروا كل من خالفه مهما كان خطأ التراث وصواب المخالف ، وحين منحت الثقافات المغلوطة المنبثقة عن التراث الغير مجزوم بصحته كل تلك الهالة المقدسة وكل الاهتمام والدعم السخي ، انصرفت الأمة عن الثقافة الصحيحة المجزوم بصحتها والمنزهة عن الخطأ ، المتمثلة في الثقافة القرانية المنبثقة من القران الكريم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفي قرنائه من أعلام الهدى .
 
انطلق الشهيد القائد في مسيرته متخذا القرآن الكريم منهجا وسبيلا ، بإعتباره المنهج الذي سار عليه الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله والسبيل الآمن الوحيد الذي أمرنا الله بإتباعه و هدانا و ارشدنا اليه رسوله صلوات الله عليه واله ، وبإعتباره أيضا القاعدة الأخيرة الصحيحة المتفق عليها بين كل أبناء الأمة الإسلامية ، وليس كما يزعم الاعداء والخصوم ان اختيار الشهيد القائد للقرآن منهجا وسبيلا نابع من انكاره للسنة النبوية وعدم الاعتداد بماصح منها والاستخفاف بكل ما جاء فيها ، كما أن الثقافة القرآنية التي اعتمدها الشهيد القائد جوهرا للمشروع القرآني ، تدعو الى وحدة الأمة واعتصامها بحبل الله المتين ، ونبذ الفرقة التي يراها المضللين نعمة ، واجتناب الخلاف الذي يراه الضالين رحمة ، فكيف لمثل هكذا ثقافة ان تنكر كل ماعند الآخرين وألا تعتد بماصح منه وان تستخف بالثابت القطعي الحكم والدلالة فيه .
 
منذ انطلاقة المسيرة القرآنية وحتى اليوم ، انتمى وينتمي اليها الكثيرون بوتيرة متزايدة وبعلاقة طردية مع مراحل نشوئها وتطورها وتوسع نطاقها ، انتماء عن إيمان بها وبمنهجها ، ويقين بصوابها ووضوح مسارها ، و علم بحقيقتها وماهية مشروعها ، ومعرفة واطلاع كامل على وضعها والاوضاع المحيطة بها محليا واقليميا ودوليا ، فالثلة المؤمنة المجاهدة الاولى التي التفت حول الشهيد القائد رضوان الله عليه كانت تعرف حجم المخاطر التي تهددها ، وتعرف طبيعة المجتمع من حولها و الذي يتحكم به سلسلة من النافذين و حقيقة وتوجهات الانظمة الحاكمة لبلادها ، وتعرف واقع الامة من حولها ، ولا تجهل مطلقا الهيمنة والسيطرة الكاملة لقوى الاستكبار (أمريكا-إسرائيل) على العالم بأسره .
 
تلك المعرفة التي بين الشهيد القائد أبعادها وآثارها وأخطارها وثمار التحرك في إطارها ، جعلت من إنتمائهم للمسيرة القرآنية إنتماءا واعيا ، صادقا في اعتقاده ، مثمرا في جهاده ، ثابتا في خطواته ، قويا في مواقفه ، صامدا عند استهدافه ، منتصرا في كل المواجهات التي خاضها وسيخوضها ، تلك المعرفة التي امتلتكها الثلة الاولى هي ذاتها التي يمتلكها المنتمون بعدهم في كل المراحل مهما اختلفت ساحات المواجهة وتوسعت رقعة الصراع وتباينت وتعاظمت قوى العدوان وأدوات الاستهداف ، هي ذات المعرفة التي تخلق الانتماء الواعي ، الانتماء الذي تحدث عنه السيدالقائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله في مستهل خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة 21سبتمبر حين تحدث عن هجرة النبي الأكرم صلوات الله عليه واله وعن وعي الانتماء للسابقين في الاسلام الذي منحهم القوة والثبات والانتصار .
 
مامرت به المسيرة القرانية هو ذات الممر الذي عبرت منه مسيرة الاسلام الاولى ، فما حدث في مكة من أذى واستهداف وتشويه وتعذيب وحصار وقتل واصرار على القتل حدث في مران وصعدة وما حدث في المدينة من ظهور النفاق وكثرة المنافقين وتعاظم مؤامراتهم ومكائدهم حدث في صنعاء بعد دخولها ، وما حدث في الخندق من تحزب الاحزاب وتحالف الاحلاف والعزم على القضاء على الاسلام يحدث اليوم في تحالف قوى العدوان على اليمن ، وكما كان الانتماء الواعي سر القوة والثبات والانتصار لمسيرة الاسلام الاولى سيظل انتماؤنا واعيا لمسيرتنا القرآنية
 

✍ حمير العزكي

 

مقالات ذات صلة