من العوامية الى اليمن … الاعتداءات السعودية تكشف طبيعة النظام الطائفي

 عمران -نت 17اغسطس|2017م
تستفيض السلطات السعودية في ادّعاءاتها حول المساواة والعدالة وحماية الحقوق، وتُسهب في الافتراءات والمزاعم التي تنتفي خاصيتها عن سياسات الرياض التي تأسست على نظام الإقصاء الطائفي والتهميش المناطقي الذي يتغلغل في بنية النظام وكافة أروقة الحكم وأجهزته السياسية، القضائية، التعليمية، والإعلامية.. الخ، والتي تقوم على مدرسة واحدة في المناهج والتعاليم ألا وهي “الوهابية”، وتسعى لتدمير كل من يخالفها بشتّى الوسائل المتاحة، معتمدة على تكفير الآخر، أيّاً مْنَ يكن، من الزيدية، الاسماعيلية، الشيعة، المالكية، الشافعية، والصوفية وغيرهم، وفي كتاب التوحيد المعتمد في مناهج التعليم المدرسية دليل واضح على تكفير المذاهب الأخرى.

على مدى عقود ومنذ نشأتها تحاول الرياض تكريس المبادئ الوهابية في المناهج الدراسية، عبر المؤسسة الدينية القائمة في البلاد، التي تمنح الشرعية للقرارات السلطوية التي تتخذها الأسرة الحاكمة، وذلك على الرغم من عدم التزام الحكام بالمبادئ والتعاليم الدينية، إلا أنها تعتمد تمرير قراراتها واجراءاتها واستفرادها بالحكم على تبريرات السلطة الدينية كشرعية تعوض انعدام الرضا الشعبي.

السلطة السعودية تستخدم مناهجها الدينية التي تقوم على الوهابية لتمد القرارات بالشرعية الدينية أياً كانت وجهة تلك القرارات، ولعل الحروب السياسية التي تشنها الرياض داخل الحدود وخارجها خير مثال على سياسات الرياض قي استثمار النزعات والفتن الطائفية لتطبيق سياساتها، وذلك بدعم وتخطيط رسمي، ترعاه السلطة السياسية وتطبقه الأدوات العسكرية والإعلامية والدينية، الامر الذي برز جلياً في حصار العوامية.

وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر، ظلُت العوامية محاصرة عسكرياً بالمدرعات والآليات الحربية الثقيلة وسط الموجات التدميرية الواسعة التي شملن كافة أحيائها، وعاش الأهالي تحت وطأة التغذية الطائفية للإعلام المحلي والنزعة الأيديولوجية للقوات الوهابية حالة حرب همجية ضروس، ألغت كل منابع الحياة في البلدة.

وضمن مخطط السلطة لتدمير قرون من التاريخ والتراث الشيعي، دخلت مواكب العسكر واحت تعيش نشوة التدمير والتهجير والقتل، وأطلقت العنان لألفاظها الطائفية النابية ورقصت داخل المساجد ودور العبادة شاهرة سلاح القتل الذي أردى عشرات الشهداء والجرحى، وبدأ الجنود بإعلان حالة التشفّي بما آلت إليه أوضاع العوامية وأهلها، بلغة كشفت الكثير والكثير من نزعات الروح الطائفية، راسمة معالم سياسة حاكمة تتخذ من الطائفية عتبة للصعود.

وبعد ما عُرف “بغزوة العوامية”، ورصد الكثير من الشتائم والألفاظ القذرة على ألسنة عناصر القوات السعودية في العاشر من أغسطس الحالي، حاولت سلطات الرياض أن تُظهر نفسها على أنها تعمد الى معالجة الأمور وضبطها، فراحت تُصدر بيانات المحاسبة لفرد أو أكثر  من بين مئات ممن تلفّظ بألفاظ نابية عبر مقاطع الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمها “تويتر”، غير أنها لم تأتِ على الإشارة لمحاسبة من كفّر الشيعة وتلفّظ بشتمهم وسبّهم على أعتاب المساجد أو من فوق المنابر الرسمية للمساجد والجوامع طوال قرن من الزمان هو عمر النظام الحاكم.

وعلى الرغم من محاولات الرياض الحثيثة لنفض غبار الطائفية عن كاهلها، إلا أن كافة المجريات تؤكد تغلغل الطائفية في رحم السلطة الحاكمة، التي تُشرعن القوانين استناداً إلى العقيدة الوهابية المتطرفة، وتحمي الصحف ووسائل الاعلام التي تسبّ الشيعة وتكفّرهم علناً.

سلطات الرياض وبأوامر سياسية عليا تقيم المنابر وترعى المؤتمرات في الداخل والخارج التي تهاجم الشيعة وتجردهم من حقوقهم.

سياسة التكفير المتبعة لم تقتصر على العناصر الأمنية، فالأمراء يمارسون التكفير بأساليب مختلفة، ولعل مقالة أمير القصيم فيصل بن مشعل بن سعود تحت عنوان “الأبعاد التاريخية للعداء على السلفية والتهجم على النهج السلفي السعودي“، وما تحمله من تكفير وتهجّم خير دليل على الهالة التي يعيشها الأمراء في تكفيرهم للآخر المختلف, وفي السياق نفسه تأتي تصريحات عدد من الأمراء بينهم الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز ووزير الداخلية ولي العهد الأسبق الأمير نايف بن عبد العزيز عبر مقولتهم الشهيرة “السعودية دولة سلفية عقيدتها وهابية وستبقى سلفية وهابية” وكذلك التصريح المسيء لحاكم المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف في الثامن من شهر ابريل العام 2015 حين وصف الشيعة بأنهم “شرذمة أحفاد بن سبأ الصفوي”.

أضف الى ذلك، فإن النظام السعودي جرّم نفسه بالكثير من الأماكن، على صعيد التكفير داخل المملكة وخارجها، ولعل ما حدث مؤخراً في قضية الداعية علي الربيعي الذي عمد الى تكفير الفنان الكويتي الراحل عبد الحسين عبد الرضا، مثال على إجراءات الرياض الصورية في محاسبة المتطاولين والمكفّرين، اذ عمدت الرياض الى إحالة الربيعي بعد انتقادات الكويت لتصريحاته، الى لجنة تأديبية في وزارة الاعلام، ما يؤكد أن المحاسبة تبخيسية وأقل من المطلوب، حيث أنها لم تحيله الى النيابة العامة لمحاسبة فعلية، وهو الذي حمل تاريخاً من التحريض الطائفي.

خلاصة، يشدد متابعون على أن التغلغل الطائفي الذي تقوم عليه الرياض ليس شكلياً انما هو جذور وأسس مستمدة من الوهابية، وطقوس نشأت السعودية على أعمدتها التي تهتزّ بفعل الانتقادات الدولية، التي تجرّم السياسات المستهترة للرياض في الداخل والخارج، خاصة مع الفشل الذي مُنّيت به الرياض في الكثير من معاركها السياسية الدولية وحروبها الاقليمية، والعوامية واليمن، دلائل واضحة وحية.

مرآة الجزيرة ـ تقرير سناء ابراهيم

 

مقالات ذات صلة